تفسير سورة عبس

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة عبس من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿عَبَسَ﴾ قَطَّبَ وَجْهَهُ.
﴿وَتَوَلَّى﴾ أَعْرَضَ.
﴿أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ أي: لأَجِلِ أَنْ جَاءَ «عَبْدُ اللهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» فَقَطَعَهُ عَمَّا هُوَ مشغولٌ به مِنْ دعوةِ بعضِ أشرافِ قُرَيْشٍ.
﴿لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ يَتَطَهَّرُ من ذنوبه، ومن دَنَسِ الجهلِ.
﴿أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى﴾ أي: يَتَّعِظُ وَيَتَذَكَّرُ ما يَنْفَعُهُ فينتفعُ بتلك الذِّكْرَى.
﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى﴾ عَنِ الإيمانِ والعلمِ والدينِ بالمالِ والجاهِ.
﴿فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى﴾ أي: تُقْبِلُ عَلَيْهِ وَتَتَصَدَّى له.
﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ أي: ليس عليكَ بَأْسٌ مِنْ عَدَمِ تَزْكِيَةِ نَفْسِهِ بالإسلامِ.
﴿وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى﴾ يُسْرِعُ في طَلَبِ الخيرِ من العِلْمِ والهُدَى، وهو «عَبْدُ اللهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ».
﴿فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ تَتَشَاغَلُ وَتُعْرِضُ، وَأَصْلُ تَلَهَّى تَتَلَهَّى.
﴿تَذْكِرَةٌ﴾ أي الآياتُ عِظَةٌ لِلْخَلْقِ.
﴿صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ﴾ أي عِنْدَ اللهِ؛ لما فيها من العلمِ والحكمةِ أو لأنها نازلةٌ من اللوحِ المحفوظِ.
﴿مَرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ﴾ رَفِيعَةُ القَدْرِ عِنْدَ اللهِ وَمُنَزَّهَةٌ لَا يَمَسُّهَا إلا المُطَهَّرُونَ، ومصونةٌ مِنَ الشياطينِ وَالكُفَّارِ.
﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ المَلَائِكَةُ يُحْصُونَ الأَعْمَالَ، وقيل: هُمُ الملائكةُ الَّذِينَ يسْفِرُونَ بَيْنَ اللهِ وبينَ رُسُلِهِ بالوحيِ، والسَّفَرَةُ جَمْعُ سَافِرٍ.
﴿كِرَامٍ﴾ عَلَى اللهِ لِاسْتِغْرَاقِهِمْ في عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ.
﴿بَرَرَةٍ﴾ مُطِيعِينَ صَادِقِينَ، وَالْبَرَرَةُ: جَمْعُ بَارٍّ.
﴿قُتِلَ الْإِنسَانُ﴾ لُعِنَ الإنسانُ الكافرُ وَطُرِدَ، وهذا دعاءٌ عَلَيْهِ بِأَشْنَعِ الدَّعَوَاتِ.
﴿مَا أَكْفَرَهُ﴾ أي: مَا حَمَلَهُ عَلَى الكُفْرِ، وقيل: مَا أَشَدَّ كُفْرَهُ.
﴿مِن نُّطْفَةٍ﴾ أي: مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ.
﴿خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ﴾ أي: قَدَّرَ خَلْقَهُ وَسَوَّاهُ بَشَرًا سَوِيًّا، وَأَتْقَنَ قُوَاهُ الظاهرةَ والباطنةَ.
﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ قيل: يَسَّرَ له الطريقَ للخروجِ من بَطْنِ أُمِّهِ، وقيل: يَسَّرَ له الطريقَ إلى تحصيلِ الخيرِ، وقيل: بيَّنَ له طريقَ الخيرِ والشَّرِّ.
﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ أي: صَيَّرهُ مَقْبُورًا ولم يَجْعَلْهُ للطيرِ والسباعِ إِكْرَامًا له.
﴿ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ﴾ أي: إذا شَاءَ إِحْيَاءَهُ أَحْيَاهُ، وقيل: بَعَثَهُ بعد موته للجزاءِ.
﴿لمّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ أي: ما كَلَّفَهُ به من الطاعاتِ والواجباتِ في نَفْسِهِ وَمَالِهِ.
﴿صَبَبْنَا المَاء صَبًّا﴾ أي: المطرَ من السَّحَابِ وَ «صَبًّا» عَلَى قَدْرِ الحَاجَةِ، وقيل: بِكَثْرَةٍ.
﴿شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا﴾ بالنباتِ بعدَ نُزُولِ المَطَرِ.
﴿وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ أي: كثيرةَ الأشجارِ، والواحدةُ غَلْبَاءُ كَحَمْرَاءَ، كثيفةُ الشَّجَرِ.
﴿وَأَبًّا﴾ وهو ما تَأْكُلُهُ البَهَائِمُ والأَنْعَامُ.
﴿الصَّاخَّةُ﴾ الصَّيْحَةُ التي تَصُمُّ الآذانَ وَتَنْزَعِجُ لها الأفئدةُ، وهي: النفخةُ الثانيةُ.
﴿مُسْفِرَةٌ﴾ أي: مُضِيئَةٌ فَرِحَةٌ مَسْرُورَةٌ.
﴿مُسْتَبْشِرَةٌ﴾ بما آتَاهَا اللهُ مِنَ الكَرَامَةِ.
﴿عَلَيْهَا غَبَرَةٌ﴾ غُبَارٌ وَكُدُورَةٌ لما نَزَلَ بها من العَذَابِ.
﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ أي: ظُلْمَةٌ مِنْ سَوَادٍ، وَمَعْنَى تَرْهَقُهَا: تَغْشَاهَا.
﴿الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ الجَامِعُونَ بَيْنَ الكُفْرِ والفُجُورِ.
42
سُورة التَّكْوِير
سورة عبس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (عبَسَ) من السُّوَر المكية، وقد نزلت في عتابِ الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم في إعراضه عن ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى، بسبب انشغاله مع صناديدِ قريش، وهذا العتاب لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم المقارنةَ بين المصالح والمفاسد، وإعلاءٌ من شأن النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاءت السورة على ذكرِ آيات الله ونِعَمه على خَلْقِه؛ مذكِّرةً إياهم بيوم (الصاخَّة)، حين ينقسم الناس إلى أهل جِنان، وأهل نيران.

ترتيبها المصحفي
80
نوعها
مكية
ألفاظها
133
ترتيب نزولها
24
العد المدني الأول
42
العد المدني الأخير
42
العد البصري
41
العد الكوفي
42
العد الشامي
40

* قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ١ أَن جَآءَهُ اْلْأَعْمَىٰ ٢ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ ٣ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ اْلذِّكْرَىٰٓ} [عبس: 1-4]:

عن عُرْوةَ، عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «أُنزِلتْ في ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى»، قالت: «أتى النبيَّ ﷺ، فجعَلَ يقولُ: يا نبيَّ اللهِ، أرشِدْني! قالت: وعند النبيِّ ﷺ رجُلٌ مِن عُظَماءِ المشركين، فجعَلَ النبيُّ ﷺ يُعرِضُ عنه، ويُقبِلُ على الآخَرِ، فقال النبيُّ ﷺ: «يا فلانُ، أتَرى بما أقولُ بأسًا؟»، فيقولُ: لا؛ فنزَلتْ: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1]». أخرجه ابن حبان (٥٣٥).

* سورة (عبَسَ):

سُمِّيت سورة (عبَسَ) بذلك؛ لقوله تعالى في أولها: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1].

1. عتابُ المُحبِّ (١-١٦).

2. تفكُّر وتدبُّر (١٧-٣٢).
3. يومَك.. يومَك (٣٣-٤٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /41).

عتابُ اللهِ نبيَّه صلى الله عليه وسلم عتابَ المُحبِّ؛ لتزكيةِ نفس النبي صلى الله عليه وسلم، ولتعليمه الموازنةَ بين مراتبِ المصالح والمفاسد، وفي حادثةِ عُبُوسِه صلى الله عليه وسلم في وجهِ الأعمى أوضَحُ الدلالة على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /157)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /102).