تفسير سورة عبس

الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور

تفسير سورة سورة عبس من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
لمؤلفه بشير ياسين . المتوفي سنة 2006 هـ
سورة عبس
نزولها
قال الترمذي : حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، حدثني أبي قال : هذا ما عرضنا على هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت : أُنزل ﴿ عبس وتولى ﴾ في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول : يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعرض عنه ويُقبل على الآخر ويقول : أترى بما تقول بأسا، فيُقال لا، ففي هذا أُنزل.
والسنن [ ٥/٤٣٢-ك التفسير وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي وأخرجه ابن حبان [ الإحسان ٢/ ٢٩٣-٢٩٤ ح ٥٣٥ من طريق : عبد الرحيم بن سليمان )، والحاكم في ( المستدرك ٢/ ٥١٤ من طريق محمد بن زياد، عن سعيد بن يحيى كلاهما عن هشام بن عروة به وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه الأرناؤوط محقق الإحسان ].

قوله تعالى ﴿ أن جاءه الأعمى ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ أن جاءه الأعمى ﴾ قال : رجل من بني فهر يقال له ابن أم مكتوم.
وأخرجه الطبري بنحوه بسنده الحسن عن قتادة.
قوله تعالى ﴿ أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ أما من استغنى ﴾ قال : عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، ﴿ وما عليك ألا يزكى ﴾ يقول : وأي شيء عليك أن لا يتطهّر من كفره فيسلم ؟ ﴿ وأما من جاءك يسعى وهو يخشى ﴾ يقول : وأما هذا الأعمى الذي جاءك سعيا، وهو يخشى الله ويتقيه ﴿ فأنت عنه تلهى ﴾ يقول : فأنت عنه تعرض، وتشاغل عنه بغيره وتغافل.
قوله تعالى ﴿ فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة ﴾ قال : هم القراء.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ بأيدي سفرة ﴾ يقول : كتبة.
قوله تعالى ﴿ ثم السبيل يسّره ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ثم السبيل يسره ﴾ قال : على نحو ﴿ إنا هديناه السبيل ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ ثم السبيل يسّره ﴾ قال : أخرجه من بطن أمه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال : قال الحسن في قوله ﴿ ثم السبيل يسره ﴾ قال : سبيل الخير.
قوله تعالى ﴿ ثم إذا شاء أنشره ﴾.
قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي، حدثنا الأعمش قال : سمعت أبا صالح قال : سمعت أبا هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما بين النفختين أربعون قالوا : يا أبا هريرة، أربعون يوما ؟ قال : أبيت قال : أربعون سنة ؟ قال : أبيت قال : أربعون شهرا ؟ قال : أبيت، ويبلى كل شيء من الإنسان، إلا عجْب ذنبه، فيه يُركب الخلق.
[ الصحيح ٨/ ٤١٤ ح ٤٨١٤-ك التفسير، ب﴿ ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض ﴾، وأخرجه مسلم في [ الصحيح ٤/ ٢٢٧٠ ح ٢٩٥٥-ك الفتن، ب ما بين النفختين ].
قال الطبري ﴿ ثم إذا شاء أنشره ﴾ يقول : ثم إذا شاء أنشره بعد مماته وأحياه، يقال : أنشر الله الميت، بمعنى : أحياه. ا. ه.
ويدل عليه قوله تعالى ﴿ والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تُخرجون ﴾ سورة الزخرف آية : ١١.
وانظر سورة البقرة آية [ ٢٥٩ ].
قوله تعالى ﴿ كلا لما يقض ما أمره ﴾.
أخرجه الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ لمّا يقض ما أمره ﴾ قال : لا يقضي أحدا أبدا ما افترض عليه.
قوله تعالى ﴿ فلينظر الإنسان إلى طعامه ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ فلينظر الإنسان إلى طعامه ﴾ قال : آية لهم.
قوله تعالى ﴿ وعنبا قضْبا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿ وقضبا ﴾ يقول : الفصفصة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ وقضبا ﴾ قال : والقضب : الفصافص. - قال الطبري : الفصفصة : الرّطبة-.
قوله تعالى :﴿ وحدائق غلبا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ وحدائق غلبا ﴾ يقول : طوالا.
قوله تعالى ﴿ وفاكهة وأبّا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ وفاكهة ﴾ قال : ما أكل الناس.
قال ابن خزيمة : حدثنا علي بن المنذر، حدثنا ابن فضيل، حدثنا عاصم بن كليب الجرمي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال : كان عمر يدعوني مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول لي : لا تكلم حتى يتكلموا قال : فدعاهم فسألهم عن ليلة القدر، فقال : أرأيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :( التمسوها في العشر الأواخر ) أي ليلة ترونها ؟ قال : فقال بعضهم : ليلة إحدى، وقال بعضهم : ليلة ثلاث، وقال آخر : خمس، وأنا ساكت، قال : فقال : مالك لا تتكلم ؟ قال : قلت، إن أذنت لي يا أمير المؤمنين تكلمت قال : فقال : ما أرسلت إليك إلا لتتكلم، قال : فقلت : أحدثكم برأيي ؟ قال : عن ذلك نسألك قال، فقلت : السبع رأيت الله عز وجل ذكر سبع سموات، ومن الأرض سبعا، وخلق الإنسان من سبع، ونبت الأرض سبع، قال، فقال : هذا أخبرتني ما أعلم، أرأيت ما لا أعلم ؟ ما هو قولك نبت الأرض سبع ؟ قال : فقلت : إن الله يقول :﴿ ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا ﴾ إلى قوله ﴿ وفاكهة وأبا ﴾ والأب نبت الأرض ما يأكله الدواب ولا يأكله الناس قال، فقال عمر : أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم تجتمع شؤون رأسه بعد إني والله ما أرى القول إلا كما قلت، وقال : قد كنت أمرتك أن لا تكلم حتى يتكلموا، وإني آمرك أن تتكلم معهم، [ الصحيح ٣/ ٣٢٢-٣٢٣ ح ٢١٧٢ ]، قال محققه : إسناده صحيح وأخرجه الحاكم [ المستدرك ١/ ٤٣٧-٤٣٨ ] من طريق عبد الله بن إدريس بن عاصم به ]، وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وذكره ابن حجر مختصرا في تفسير أبا وصحح إسناده [ الفتح ١٣/ ٢٧١ ].
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله :﴿ وأبّا ﴾ : الثمار الرطبة.
قوله تعالى ﴿ متاعا لكم ولأنعامكم ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة عن الحسن ﴿ متاعا لكم ولأنعامكم ﴾ قال : متاعا لكم الفاكهة، ولأنعامكم العشب.
قوله تعالى :﴿ فإذا جاءت الصّاخّة ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ فإذا جاءت الصّاخة ﴾ قال : هذا من أسماء يوم القيامة عظّمه الله، وحذّره عباده.
قوله تعالى ﴿ يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ﴾.
قال ابن كثير : وفي الحديث الصحيح- في أمر الشفاعة- : أنه إذا طلب إلى كل من أولي العزم أن يشفع عند الله في الخلائق، يقول : نفسي نفسي، لا أسأله اليوم إلا نفسي، حتى أن عيسى ابن مريم يقول : لا أسأله اليوم إلا نفسي، لا أسأله مريم التي ولدتني، ولهذا قال تعالى :﴿ يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:قوله تعالى ﴿ يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ﴾.
قال ابن كثير : وفي الحديث الصحيح- في أمر الشفاعة- : أنه إذا طلب إلى كل من أولي العزم أن يشفع عند الله في الخلائق، يقول : نفسي نفسي، لا أسأله اليوم إلا نفسي، حتى أن عيسى ابن مريم يقول : لا أسأله اليوم إلا نفسي، لا أسأله مريم التي ولدتني، ولهذا قال تعالى :﴿ يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ﴾.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:قوله تعالى ﴿ يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ﴾.
قال ابن كثير : وفي الحديث الصحيح- في أمر الشفاعة- : أنه إذا طلب إلى كل من أولي العزم أن يشفع عند الله في الخلائق، يقول : نفسي نفسي، لا أسأله اليوم إلا نفسي، حتى أن عيسى ابن مريم يقول : لا أسأله اليوم إلا نفسي، لا أسأله مريم التي ولدتني، ولهذا قال تعالى :﴿ يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ﴾.

قوله تعالى ﴿ لكل امرئ منهم يومئذ شأن يُغنيه ﴾.
قال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد، حدثنا محمد بن الفضل، حدثنا ثابت عن يزيد، عن هلال بن خبّاب، عن عكرمة، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( تُحشرون حفاة عراة غرلا )، فقالت امرأة : أيبصر أو أيرى بعضنا عورة بعض، قال :( يا فلانة :﴿ لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ﴾ ).
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح. [ السن ٥/ ٤٣٢-٤٣٣-ك التفسير، ب- سورة عبس- ] وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي وأخرجه الحاكم [ المستدرك ٢/ ٥١٤-٥١٥ من طريق أنس ]، وصححه ووافقه الذهبي.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه ﴾ أفضى إلى كلّ إنسان ما يشغله عن الناس.
قوله تعالى ﴿ وجوه يومئذ مسفرة ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ مسفرة ﴾ يقول : مشرقة.
قوله تعالى ﴿ ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ ترهقها قترة ﴾ يقول : تغشاها ذلة.
قال ابن كثير : وقوله ﴿ أولئك هم الكفرة الفجرة ﴾ أي : الكفرة قلوبهم، الفجرة في أعمالهم، كما قال تعالى :﴿ ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾ سورة نوح آية : ٢٧.
سورة عبس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (عبَسَ) من السُّوَر المكية، وقد نزلت في عتابِ الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم في إعراضه عن ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى، بسبب انشغاله مع صناديدِ قريش، وهذا العتاب لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم المقارنةَ بين المصالح والمفاسد، وإعلاءٌ من شأن النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاءت السورة على ذكرِ آيات الله ونِعَمه على خَلْقِه؛ مذكِّرةً إياهم بيوم (الصاخَّة)، حين ينقسم الناس إلى أهل جِنان، وأهل نيران.

ترتيبها المصحفي
80
نوعها
مكية
ألفاظها
133
ترتيب نزولها
24
العد المدني الأول
42
العد المدني الأخير
42
العد البصري
41
العد الكوفي
42
العد الشامي
40

* قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ١ أَن جَآءَهُ اْلْأَعْمَىٰ ٢ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ ٣ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ اْلذِّكْرَىٰٓ} [عبس: 1-4]:

عن عُرْوةَ، عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «أُنزِلتْ في ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى»، قالت: «أتى النبيَّ ﷺ، فجعَلَ يقولُ: يا نبيَّ اللهِ، أرشِدْني! قالت: وعند النبيِّ ﷺ رجُلٌ مِن عُظَماءِ المشركين، فجعَلَ النبيُّ ﷺ يُعرِضُ عنه، ويُقبِلُ على الآخَرِ، فقال النبيُّ ﷺ: «يا فلانُ، أتَرى بما أقولُ بأسًا؟»، فيقولُ: لا؛ فنزَلتْ: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1]». أخرجه ابن حبان (٥٣٥).

* سورة (عبَسَ):

سُمِّيت سورة (عبَسَ) بذلك؛ لقوله تعالى في أولها: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1].

1. عتابُ المُحبِّ (١-١٦).

2. تفكُّر وتدبُّر (١٧-٣٢).
3. يومَك.. يومَك (٣٣-٤٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /41).

عتابُ اللهِ نبيَّه صلى الله عليه وسلم عتابَ المُحبِّ؛ لتزكيةِ نفس النبي صلى الله عليه وسلم، ولتعليمه الموازنةَ بين مراتبِ المصالح والمفاسد، وفي حادثةِ عُبُوسِه صلى الله عليه وسلم في وجهِ الأعمى أوضَحُ الدلالة على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /157)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /102).