تفسير سورة عبس

اللغة العربية - المختصر في تفسير القرآن الكريم

تفسير سورة سورة عبس من كتاب المختصر في تفسير القرآن الكريم المعروف بـاللغة العربية - المختصر في تفسير القرآن الكريم.
لمؤلفه مركز تفسير للدراسات القرآنية .

قطّب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجهه وأعرض.
لأجل مجيء عبد الله بن أم مكتوم يسترشده، وكان أعمى، جاء والرسول صلّى الله عليه وسلّم منشغل بأكابر المشركين أملًا في هدايتهم.
وما يُعْلِمُكَ - أيها الرسول - لعل هذا الأعمى يتطهر من ذنوبه؟!
أو يتعظ بما يسمع منك من المواعظ، فينتفع بها.
أما من استغنى بنفسه بما لديه من المال عن الإيمان بما جئت به.
فأنت تَتَعرَّض له، وتُقبل إليه.
وأي شيء يلحقك إذا لم يتطهر من ذنوبه بالتوبة إلى الله.
وأما من جاءك يسعى بحثًا عن الخير.
وهو يخشى ربه.
فأنت تتشاغل عنه بغيره من أكابر المشركين.
ليس الأمر كذلك، إنما هي موعظة وتذكير لمن يقبل.
فمن شاء أن يذكر الله ذكره، واتعظ بما في هذا القرآن.
فهذا القرآن في صحف شريفة عند الملائكة.
مرفوعة في مكان عال، مطهرة لا يصيبها دَنَس ولا رِجْس.
وهي بأيدي رسل من الملائكة.
كرام عند ربهم، كثيري فعل الخير والطاعات.
لُعِن الإنسان الكافر، ما أشدّ كفره بالله!
من أيّ شيء خلقه الله حتى يتكبّر في الأرض ويَكْفُرَهُ؟!
من ماء قليل خلقه، فَقَدَّر خلقه طورًا بعد طور.
ثم يسّر له بعد هذه الأطوار الخروج من بطن أمه.
ثم بعد ما قَدَّر له من عمر في الحياة أماته، وجعل له قبرًا يبقى فيه إلى أن يبعث.
ثم إذا شاء بَعَثَهُ للحساب والجزاء.
ليس الأمر كما يتوهم هذا الكافر أنه أدى ما عليه لربه من حق، فهو لم يؤدّ ما أوجب الله عليه من الفرائض.
فلينظر الإنسان الكافر بالله إلى طعامه الذي يأكله كيف حصل؟!
فأصله من المطر النازل من السماء بقوة وغزارة.
ثم فَتَقْنا الأرض فانشقت عن النبات.
فأنبتنا فيها الحبوب من قمح وذرة وغيرهما.
وأنبتنا فيها عنبًا وقتًّا رطبًا؛ ليكون علفًا لدوابهم.
وأنبتنا فيها زيتونًا ونخلًا.
وأنبتنا فيها بساتين كثيرة الأشجار.
وأنبتنا فيها فاكهة، وأنبتنا فيها ما ترعاه بهائمكم.
لانتفاعكم، وانتفاع بهائمكم.
فإذا جاءت الصيحة العظيمة التي تصخ الآذان وهي النفخة الثانية.
يوم يهرب المرء من أخيه.
ويفرّ من أمه وأبيه.
ويفرّ من زوجته وأولاده.
لكلّ واحد منهم ما يشغله عن الآخر من شدّة الكرب في ذلك اليوم.
وجوه السعداء في ذلك اليوم مضيئة.
ضاحكة فرحة بما أعدّ الله لها من رحمته.
ووجوه الأشقياء في ذلك اليوم عليها غبار.
تغشاها ظلمة.
أولئك الموصوفون بتلك الحال هم الذين جمعوا بين الكفر والفجور.
سورة عبس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (عبَسَ) من السُّوَر المكية، وقد نزلت في عتابِ الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم في إعراضه عن ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى، بسبب انشغاله مع صناديدِ قريش، وهذا العتاب لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم المقارنةَ بين المصالح والمفاسد، وإعلاءٌ من شأن النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاءت السورة على ذكرِ آيات الله ونِعَمه على خَلْقِه؛ مذكِّرةً إياهم بيوم (الصاخَّة)، حين ينقسم الناس إلى أهل جِنان، وأهل نيران.

ترتيبها المصحفي
80
نوعها
مكية
ألفاظها
133
ترتيب نزولها
24
العد المدني الأول
42
العد المدني الأخير
42
العد البصري
41
العد الكوفي
42
العد الشامي
40

* قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ١ أَن جَآءَهُ اْلْأَعْمَىٰ ٢ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ ٣ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ اْلذِّكْرَىٰٓ} [عبس: 1-4]:

عن عُرْوةَ، عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «أُنزِلتْ في ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى»، قالت: «أتى النبيَّ ﷺ، فجعَلَ يقولُ: يا نبيَّ اللهِ، أرشِدْني! قالت: وعند النبيِّ ﷺ رجُلٌ مِن عُظَماءِ المشركين، فجعَلَ النبيُّ ﷺ يُعرِضُ عنه، ويُقبِلُ على الآخَرِ، فقال النبيُّ ﷺ: «يا فلانُ، أتَرى بما أقولُ بأسًا؟»، فيقولُ: لا؛ فنزَلتْ: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1]». أخرجه ابن حبان (٥٣٥).

* سورة (عبَسَ):

سُمِّيت سورة (عبَسَ) بذلك؛ لقوله تعالى في أولها: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1].

1. عتابُ المُحبِّ (١-١٦).

2. تفكُّر وتدبُّر (١٧-٣٢).
3. يومَك.. يومَك (٣٣-٤٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /41).

عتابُ اللهِ نبيَّه صلى الله عليه وسلم عتابَ المُحبِّ؛ لتزكيةِ نفس النبي صلى الله عليه وسلم، ولتعليمه الموازنةَ بين مراتبِ المصالح والمفاسد، وفي حادثةِ عُبُوسِه صلى الله عليه وسلم في وجهِ الأعمى أوضَحُ الدلالة على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /157)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /102).