تفسير سورة عبس

لطائف الإشارات

تفسير سورة سورة عبس من كتاب لطائف الإشارات
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " : اسم كريم بسط للمؤمنين بساط جحوده، اسم عزيز انسد على الأولين والآخرين طريق وجوده. . وأنى بذلك ولا حد له ؟ من الذي يدركه بالزمان والزمان خلقه ؟ ومن الذي يحسبه في المكان والمكان فعله ؟ ومن الذي يعرفه – إلا وبه يعرفه ؟ ومن الذي يذكره – إلا وبه يذكره ؟

قوله جل ذكره :﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى ﴾.
نَزَلَت في ابن أمِّ مكتوم، وكان ضريراً. . أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم وكان عنده العباس بن عبد المطلب وأمية بن خلف الجُمْحي - يرجو الرسول صلى الله عليه وسلم إيمانَهما، فَكَرِه أَنْ يَقْطَعَ حديثَه معهما، فأعرض عن ابن أمِّ مكتوم، وعَبَسَ وَجْهُه، فأنزل اللَّهُ هذه الآية.
وجاء في التفسير : أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج على أثرِه، وأَمَرَ بطلبِه، وكان بعد ذلك يَبَرُّه ويُكْرِمُه، فاستخلفه على المدينة مرتين.
وجاء في التفسير : أنه صلى الله عليه وسلم لم يَعْبَسْ - بعد هذا - في وجهِ فقيرٍ قط، ولم يُعْرِضْ عنه.
ويقال : في الخطاب لُطْفٌ. . . وهو أنه لم يواجهه بل قالَه على الكناية، ثم بعده قال :﴿ وما يدريك لعله يزكى ﴾.
أي يتذكر بما يتعلم منك أو. ﴿ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى ﴾.
أمَّا مَنْ استغنى عن نَفْسِه فإنه استغنى عن الله.
ويقال : استغنى بما له فأنت له تصدَّى، أي تُقْبِلُ عليه بوجهك.
﴿ وَمَا عَلَيْكَ ﴾ فأنت لا تُؤَخَذُ بألا يتزكّى هو فإنما عليكَ البلاغ.
لطَلَبِ العِلْم، ويخشى الله فأنت عنه تَتَلَهَّى، وتتشاغل. . . وهذا كله مِنْ قبيلِ العتاب معه لأَجْلِ الفقراء.
قوله جل ذكره :﴿ كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ ﴾.
القرآن تذكرة ؛ فَمَنْ شاء الله أن يَذْكُرَه ذَكُرَه، ومَنْ شاء الله ألا يَذْكُرَه لم يُذَكِّرْه ؛ أي بذلك جرى القضاءُ، فلا يكون إلا ما شاء اللَّهُ.
ويقال : الكلامُ على جهة التهديد ؛ ومعناه : فَمَنْ أراد أن يذكره فليذكره، ومن شاء ألا يذكره فلا يذكره ! كقوله :﴿ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [ الكهف : ٢٩ ].
وقال سبحانه :﴿ ذَكَرَهُ ﴾ ولم يقل " ذَكَرَها " لأنه أراد به القرآن.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:قوله جل ذكره :﴿ كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ ﴾.
القرآن تذكرة ؛ فَمَنْ شاء الله أن يَذْكُرَه ذَكُرَه، ومَنْ شاء الله ألا يَذْكُرَه لم يُذَكِّرْه ؛ أي بذلك جرى القضاءُ، فلا يكون إلا ما شاء اللَّهُ.
ويقال : الكلامُ على جهة التهديد ؛ ومعناه : فَمَنْ أراد أن يذكره فليذكره، ومن شاء ألا يذكره فلا يذكره ! كقوله :﴿ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [ الكهف : ٢٩ ].
وقال سبحانه :﴿ ذَكَرَهُ ﴾ ولم يقل " ذَكَرَها " لأنه أراد به القرآن.

قوله جل ذكره :﴿ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ ﴾.
أي صحف إبراهيم وموسى وما قبل ذلك، وفي اللوح المحفوظ.
مرفوعة في القَدْر والرتبة، مطهرة من التناقض والكذب.
أي : الملائكة الكَتَبة.
كرام عند الله بَرَرَة.
قوله جلّ ذكره :﴿ قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾.
لُعِنَ الإنسان ما أعظم كُفْره !. .
خَلَقَه وصَوَّرَه وقَدَّره أطواراً : من نطفةٍ، ثم عَلَقَةٍ، ثم طوراً بعد طور.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:خَلَقَه وصَوَّرَه وقَدَّره أطواراً : من نطفةٍ، ثم عَلَقَةٍ، ثم طوراً بعد طور.
قوله جلّ ذكره :﴿ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ﴾.
يَسَّّرَ عليه السبيلَ في الخير والشرِّ، وألهمه كيف التصرُّف.
ويقال : يَسَّرَ عليه الخروجَ من بطن أُمِّه يخرج أولاً رأسه منكوساً.
أي : جعل له قَبْراً لئلا تفترِسَه السِّباعُ والطيورُ ولئلا يفتضح.
بَعَثَه من قبره.
أي : عصى وخالَفَ ما أُمِرَ به.
ويقال : لم يقضِ الله له ما أمره به، ولو قضى عليه وله ما أمره به لَمَا عصاه.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً فَأَنبَتّنَا فِيهَا حَبّاً وعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبَاً ﴾.
في الإشارة : صَبَبْنا ماءَ الرحمةِ على القلوب القاسية فَلانَتْ للتوبة، وصببنا ماءَ التعريف على القلوب فنبتت أزهارُ التوحيد وأنوارُ التجريد.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٤:قوله جلّ ذكره :﴿ فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً فَأَنبَتّنَا فِيهَا حَبّاً وعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبَاً ﴾.
في الإشارة : صَبَبْنا ماءَ الرحمةِ على القلوب القاسية فَلانَتْ للتوبة، وصببنا ماءَ التعريف على القلوب فنبتت أزهارُ التوحيد وأنوارُ التجريد.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٤:قوله جلّ ذكره :﴿ فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً فَأَنبَتّنَا فِيهَا حَبّاً وعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبَاً ﴾.
في الإشارة : صَبَبْنا ماءَ الرحمةِ على القلوب القاسية فَلانَتْ للتوبة، وصببنا ماءَ التعريف على القلوب فنبتت أزهارُ التوحيد وأنوارُ التجريد.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٤:قوله جلّ ذكره :﴿ فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً فَأَنبَتّنَا فِيهَا حَبّاً وعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبَاً ﴾.
في الإشارة : صَبَبْنا ماءَ الرحمةِ على القلوب القاسية فَلانَتْ للتوبة، وصببنا ماءَ التعريف على القلوب فنبتت أزهارُ التوحيد وأنوارُ التجريد.

﴿ وَقَضْباً ﴾ أي القَتّ.
متكاثفةً غلاظاً.
الفاكهة : جمع الفواكه، و﴿ وَأَبّاً ﴾ : المرعى.
﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ﴾ أي : القيامة ؛ فيومئذٍ يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، ثم بيَّن ما سبب ذلك فقال ﴿ لِكُلِّ امْرئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٣:﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ﴾ أي : القيامة ؛ فيومئذٍ يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، ثم بيَّن ما سبب ذلك فقال ﴿ لِكُلِّ امْرئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٣:﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ﴾ أي : القيامة ؛ فيومئذٍ يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، ثم بيَّن ما سبب ذلك فقال ﴿ لِكُلِّ امْرئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾.
لا يتفرَّغ إلى ذاك، ولا ذاك إلى هذه. كذلك قالوا : الاستقامةُ أَنْ تشهدَ الوقتَ قيامةً، فما من وليٍّ ولا عارفٍ إلاَّ وهو - اليومَ - بقلبه يَفِرُّ من أخيه وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه.
فالعارفُ مع الخَلْق ولكنه يُفَارقهم بقلبه - قالوا :
فلقد جعلتك في الفؤادِ مُحَدِّثي وأَبَحْتُ جسمي مَنْ أراد جلوسي
قوله جلّ ذكره :﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ ﴾.
وسببُ استبشارهم مختلفٌ ؛ فمنهم مَنْ استبشاره لوصوله إلى جنَّته، ومنهم لوصوله إلى الحور العين من حظيته. . . ومنهم ومنهم، وبعضهم لأنه نظر إِلى ربِّه فرآه.
وهي غَبَرةُ الفُسَّاق.
﴿ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ﴾. وهي ذُلُّ الحجاب.
سورة عبس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (عبَسَ) من السُّوَر المكية، وقد نزلت في عتابِ الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم في إعراضه عن ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى، بسبب انشغاله مع صناديدِ قريش، وهذا العتاب لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم المقارنةَ بين المصالح والمفاسد، وإعلاءٌ من شأن النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاءت السورة على ذكرِ آيات الله ونِعَمه على خَلْقِه؛ مذكِّرةً إياهم بيوم (الصاخَّة)، حين ينقسم الناس إلى أهل جِنان، وأهل نيران.

ترتيبها المصحفي
80
نوعها
مكية
ألفاظها
133
ترتيب نزولها
24
العد المدني الأول
42
العد المدني الأخير
42
العد البصري
41
العد الكوفي
42
العد الشامي
40

* قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ١ أَن جَآءَهُ اْلْأَعْمَىٰ ٢ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ ٣ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ اْلذِّكْرَىٰٓ} [عبس: 1-4]:

عن عُرْوةَ، عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «أُنزِلتْ في ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى»، قالت: «أتى النبيَّ ﷺ، فجعَلَ يقولُ: يا نبيَّ اللهِ، أرشِدْني! قالت: وعند النبيِّ ﷺ رجُلٌ مِن عُظَماءِ المشركين، فجعَلَ النبيُّ ﷺ يُعرِضُ عنه، ويُقبِلُ على الآخَرِ، فقال النبيُّ ﷺ: «يا فلانُ، أتَرى بما أقولُ بأسًا؟»، فيقولُ: لا؛ فنزَلتْ: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1]». أخرجه ابن حبان (٥٣٥).

* سورة (عبَسَ):

سُمِّيت سورة (عبَسَ) بذلك؛ لقوله تعالى في أولها: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1].

1. عتابُ المُحبِّ (١-١٦).

2. تفكُّر وتدبُّر (١٧-٣٢).
3. يومَك.. يومَك (٣٣-٤٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /41).

عتابُ اللهِ نبيَّه صلى الله عليه وسلم عتابَ المُحبِّ؛ لتزكيةِ نفس النبي صلى الله عليه وسلم، ولتعليمه الموازنةَ بين مراتبِ المصالح والمفاسد، وفي حادثةِ عُبُوسِه صلى الله عليه وسلم في وجهِ الأعمى أوضَحُ الدلالة على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /157)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /102).