تفسير سورة عبس

تفسير الإمام مالك

تفسير سورة سورة عبس من كتاب تفسير الإمام مالك
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى :﴿ عبس وتولى ﴾ [ عبس : ١ ].
٩٣٤- ابن العربي : قال مالك : إن هشام بن عروة١ حدثه عن عروة أنه قال : نزلت ﴿ عبس وتولى ﴾ في ابن أم مكتوم٢، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول : يا محمد علمني مما علمك الله وعند النبي صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر، ويقول : " يا فلان، هل ترى بما أقول بأسا " فيقول : لا، ما أرى بما تقول بأسا، فأنزل الله عز وجل ﴿ عبس وتولى ﴾. ٣
١ - هشام بن عروة: بن الزبير بن العوام الأسدي أحد الأعلام عن أبيه، قال ابن سعد: ثقة حجة وقال أبو حاتم: إمام. قال أبو نعيم توفي سنة خمس وأربعين ومائة وقيل سنة ست، وتكلم فيه مالك وغيره. الخلاصة: ٣٥٣. وينظر: التاريخ الصغير: ٢/٨٣..
٢ -ابن أم مكثوم: عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم القرشي العامري الأعمى مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه أم مكثوم اسمها عاتكة بنت عبد الله بن عاتكة. اختلف في اسمه، فقيل عبد الله، وقيل؛ عمرو وهو الأكثر. وهو ابن خال خديجة رضي الله عنها أخو أمها. وكان ممن قدم المدينة مع مصعب بن عمير قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الواقدي: قدمها بعد بدر يسير. واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزواته ثلاث عشرة مرة. واستخلفه في خروجه إلى حجة الوداع وشهد القادسية ومعه اللواء يومئذ وقتل بها شهيدا. وقال الواقدي: "رجع إلى المدينة ومات بها سنة خمس عشرة" نكث الهميان في نكث العميان: ٢٢١. ينظر: الخلاصة: ٢٣٤..
٣ - أحكام القرآن لابن العربي: ٤/ ١٩٠٥. وأضاف ابن العربي قائلا: قالت المالكية من علمائنا: اسم أم مكثوم: عمرو، ويقال: عبد الله، والرجل من عظماء المشركين هو الوليد بن المغيرة، ويكنى أبا عبد شمس. ينظر القبس: ١/٣٨٦ جزء محقق من طرف الأستاذ زين فيلالي، والجامع: ١٩/ ٢١١. وتفسير عبد الله بن وهب: ١/١١٠..
الآية الثانية : قوله تعالى :﴿ وأما من جاءك يسعى ﴾ [ عبس : ٨ ].
٩٣٥- يحيى : قال مالك : وإنما السعي في كتاب الله العمل والفعل. يقول الله تبارك وتعالى :﴿ وإذا تولى سعى في الأرض ﴾١ وقال تعالى :﴿ وأما من جاءك يسعى ﴾ وقال :﴿ ثم أدبر يسعى ﴾٢ وقال :﴿ إن سعيكم لشتى ﴾٣. ٤
قال مالك : فليس السعي الذي ذكر الله في كتابه بالسعي على الأقدام ولا الاشتداد، وإنما عنى العمل والفعل.
١ - سورة البقرة، الآية: ٢٠٥..
٢ - سورة النازعات، الآية: ٢٢..
٣ - سورة الليل، الآية: ٤..
٤ - الموطأ: ١/١٠٧ كتاب الجمعة، باب ما جاء في السعي يوم الجمعة..
الآية الثالثة : قوله تعالى :﴿ وأبا ﴾ [ عبس : ٣١ ].
٩٣٦- ابن رشد : قال مالك : وسئل عمر بن الخطاب عن قوله :﴿ وأبا ﴾ ما الأب ؟ فقال : هذا لعمر الله التكلف. ١
١ - البيان والتحصيل: ١٨/٢٣٦..
سورة عبس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (عبَسَ) من السُّوَر المكية، وقد نزلت في عتابِ الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم في إعراضه عن ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى، بسبب انشغاله مع صناديدِ قريش، وهذا العتاب لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم المقارنةَ بين المصالح والمفاسد، وإعلاءٌ من شأن النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاءت السورة على ذكرِ آيات الله ونِعَمه على خَلْقِه؛ مذكِّرةً إياهم بيوم (الصاخَّة)، حين ينقسم الناس إلى أهل جِنان، وأهل نيران.

ترتيبها المصحفي
80
نوعها
مكية
ألفاظها
133
ترتيب نزولها
24
العد المدني الأول
42
العد المدني الأخير
42
العد البصري
41
العد الكوفي
42
العد الشامي
40

* قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ١ أَن جَآءَهُ اْلْأَعْمَىٰ ٢ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ ٣ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ اْلذِّكْرَىٰٓ} [عبس: 1-4]:

عن عُرْوةَ، عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «أُنزِلتْ في ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى»، قالت: «أتى النبيَّ ﷺ، فجعَلَ يقولُ: يا نبيَّ اللهِ، أرشِدْني! قالت: وعند النبيِّ ﷺ رجُلٌ مِن عُظَماءِ المشركين، فجعَلَ النبيُّ ﷺ يُعرِضُ عنه، ويُقبِلُ على الآخَرِ، فقال النبيُّ ﷺ: «يا فلانُ، أتَرى بما أقولُ بأسًا؟»، فيقولُ: لا؛ فنزَلتْ: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1]». أخرجه ابن حبان (٥٣٥).

* سورة (عبَسَ):

سُمِّيت سورة (عبَسَ) بذلك؛ لقوله تعالى في أولها: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1].

1. عتابُ المُحبِّ (١-١٦).

2. تفكُّر وتدبُّر (١٧-٣٢).
3. يومَك.. يومَك (٣٣-٤٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /41).

عتابُ اللهِ نبيَّه صلى الله عليه وسلم عتابَ المُحبِّ؛ لتزكيةِ نفس النبي صلى الله عليه وسلم، ولتعليمه الموازنةَ بين مراتبِ المصالح والمفاسد، وفي حادثةِ عُبُوسِه صلى الله عليه وسلم في وجهِ الأعمى أوضَحُ الدلالة على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /157)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /102).