تفسير سورة الإنشقاق

تفسير التستري

تفسير سورة سورة الإنشقاق من كتاب تفسير التستري المعروف بـتفسير التستري.
لمؤلفه سهل التستري . المتوفي سنة 283 هـ

السورة التي يذكر فيها الانشقاق
[سورة الانشقاق (٨٤) : آية ٢]
وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٢)
قوله تعالى: وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ [٢] أي سمعت لربها وأجابت بالامتثال بأمره وحق لها أن تفعل.
[سورة الانشقاق (٨٤) : الآيات ٦ الى ٩]
يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (٩)
يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً [٦] أي ساعٍ بعملك إلى ربك سعياً فَمُلاقِيهِ [٦] بسعيك فانظر في سعيك يصلح للجنة ولقربه أم للنار وبعده. وقد قال عمارة ابن زاذان «١» : قال لي كهمس: يا أبا سلمة أذنبت ذنباً فأنا أبكي عليه منذ أربعين سنة. قلت: ما هو يا أبا عبد الله؟ قال: زارني أخ لي فاشتريت له سمكاً مشوياً بدانق، فلما أكل قمت إلى حائط جاري، فأخذت منه قطعة، فغسل بها يده، فأنا أبكي عليه منذ أربعين سنة «٢».
قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً [٧- ٨] أي نغفر ذنوبه فلا نحاسبه بها، كما روي في الخبر أن الله تعالى إذا أراد أن يستر على عبد يوم القيامة أراه ذنوبه فيما بينه وبينه، ثم غفرها له.
وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً [٩] في الجنة بتحقيق ميعاد اللقاء، وبما نال من الرضا.
واعلم أن الله له عباد لا يوقفون مواقفة، ولا يحسون بهول من أهوال يوم القيامة من الحساب والسؤال والصراط، لأنهم له وبه، لا يعرفون شيئاً سواه، ولا لهم دونه اختيار.
[سورة الانشقاق (٨٤) : آية ١٩]
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩)
قوله عزَّ وجلَّ: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ [١٩] قال: باطنها لترفعن درجة فوق درجة في الجنة، ولتحولن من حال إلى حال أشرف منها وأسر، كما كنتم في الدنيا ترفعون من درجة إلى درجة أعلى منها، من طمع وخوف وشوق ومحبة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
(١) عمارة بن زاذان الصيدلاني، أبو سلمة البصري: روى عن الحسن البصري ومكحول. (تهذيب التهذيب ٧/ ٣٦٥).
(٢) الحلية ٦/ ٢١١.
سورة الإنشقاق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانشقاق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الانفطار)، وقد افتُتحت ببيان ما يسبق يومَ القيامة من أهوالٍ، وجاءت على ذكرِ أحوال الناس عند لقاء الله، وفي جزائهم وتقسيمهم إلى صِنْفَينِ: صنفٍ آمن بهذا اليوم فهو من أهل الجنان، وصنفٍ كذَّب به فهو من أهل النيران.

ترتيبها المصحفي
84
نوعها
مكية
ألفاظها
109
ترتيب نزولها
83
العد المدني الأول
25
العد المدني الأخير
25
العد البصري
23
العد الكوفي
25
العد الشامي
23

* سورة (الانشقاق):

سُمِّيت سورة (الانشقاق) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ} [الانشقاق: 1].

* سورة (الانشقاق) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو الصحابةَ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. من أهوال يوم القيامة (١-٥).

2. أحوال الإنسان عند لقاء ربه (٧-١٥).

3. أحوال الإنسان في هذه الحياة (١٦-٢٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /75).

إثباتُ هولِ يوم القيامة، وما يسبقه من أحداث، وتنعيمُ اللهِ أولياءَه يوم الحساب؛ لأنَّهم صدَّقوا بهذا اليوم وآمَنوا به، وعقاب الله لمن كفَر بهذا اليوم؛ لأنهم كانوا لا يُقِرُّون بالبعث والعَرْضِ على الملك الذي أوجَدهم وربَّاهم؛ كما يَعرِض الملوك عبيدَهم، ويحكُمون بينهم؛ فينقسمون إلى أهل ثواب، وأهل عقاب، واسمها (الانشقاق) دالٌّ على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /172).