تفسير سورة الإنشقاق

تفسير ابن أبي زمنين

تفسير سورة سورة الإنشقاق من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين.
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة إذا السماء انشقت وهي مكية كلها.

قَوْله: ﴿إِذا السَّمَاء انشقت﴾ وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة
﴿وأذنت لِرَبِّهَا﴾ سَمِعت وأطاعت ﴿وحقت﴾ وَحقّ لَهَا أَن تفعل
﴿وَإِذا الأَرْض مدت﴾ تُمَدُّ مَدَّ الْأَدِيمِ، وَهَذَا إِذَا بُدِّلَتْ بِأَرْضٍ بَيْضَاءَ، كَأَنَّهَا فِضَّةٌ لم يعْمل عَلَيْهَا خَطِيئَة
﴿وَأَلْقَتْ﴾ أخرجت ﴿مأ فِيهَا﴾ يَعْنِي: الْأَمْوَات ﴿وتخلت﴾ إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ، فَصَارُوا عَلَى
﴿وأذنت لِرَبِّهَا وحقت﴾ هِيَ مِثْلُ الْأُولَى.
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: أَذِنْتُ لِلشَّيْءِ آذَنُ أَذَنًا إِذَا اسْتَمْعَتُ. قَالَ الشَّاعِرُ
قَوْله: ﴿يَا أَيهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كدحا﴾ أَيْ: عَامِلٌ إِلَى رَبِّكَ عَمَلًا ﴿فملاقيه﴾ فَمُلاقٍ ثَوَابَ ذَلِكَ الْعَمَلِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْكَدْحُ فِي اللُّغَةِ: السَّعْيُ وَالدُّءُوبُ فِي الْعَمَلِ فِي بَابِ الدُّنْيَا وَفِي بَابِ الْآخِرَةِ. وَجَوَابُ (إِذَا) يَدُلُّ عَلَيْهِ فَمُلاقِيهِ، الْمَعْنَى: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَقِي الْإِنْسَان عمله.
﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ الْآيَة " سَأَلت عَائِشَة النَّبِي [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم] عَنِ الَّذِي يُحاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا فَقَالَ: يُعَرَّفُ بِعَمَلِهِ، ثُمَّ يَتَجَاوَزُ الله عَنهُ "
﴿وينقلب إِلَى أَهله﴾ إِلَى أَزْوَاجِهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ﴿مَسْرُورًا﴾
﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهره﴾ تُخْلَعُ كَتِفُهُ الْيُسْرَى فَتُجْعَلُ خَلْفَهُ فَيَأْخُذ بهَا كِتَابه
﴿فَسَوف يَدْعُو ثبورا﴾ فِي النَّارِ يَقُولُ: يَا وَيْلاهُ ﴿وَيَا ثبوراه﴾
﴿وَيصلى سعيرا﴾ أَيْ: يَكْثُرُ عَذَابُهُ، وَيُشْوَى فِي النَّار
﴿إِنَّه كَانَ فِي أَهله﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿مَسْرُورا﴾ لَا يُؤمن بِالْبَعْثِ
﴿إِنَّه ظن﴾ حسب ﴿أَن لن يحور﴾ أَيْ: يَرْجِعَ إِلَى رَبِّهِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: حَارَ يَحُورُ حَوْرًا وَحُئُورًا، أَيْ: رَجَعَ، وَقَالَ لَبِيدٌ:
112
(صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا)
113
قَوْلُهُ: ﴿بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصيرًا﴾ أَي: أَنه سيبعثه. تَفْسِير سور الانشقاق من آيَة ١٦ - ٢٥
﴿فَلَا أقسم بالشفق﴾ يَعْنِي: الْحُمْرَةَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء
﴿وَاللَّيْل وَمَا وسق﴾ وَمَا جَمَعَ مِمَّا عَمِلَ فِيهِ الْخَلْقُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ
﴿وَالْقَمَر إِذا اتسق﴾ إِذَا اسْتَوَى فَاسْتَدَارَ، وَهَذَا قَسَمٌ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ﴾ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ أَقْسَمَ بِهَذَا كُله
﴿لتركبن طبقًا عَن طبق﴾ أَيْ: حَالًا بَعْدَ حَالٍ، فِي تَفْسِير الْحسن.
﴿فَمَا لَهُم لَا يُؤمنُونَ﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين
﴿وَإِذا قرئَ عَلَيْهِم الْقُرْآن لَا يَسْجُدُونَ﴾ لَا يصلونَ
﴿وَالله أعلم بِمَا يوعون﴾ أَي: يخفون فِي صُدُورهمْ.
﴿إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم أجر﴾ ثَوَابٌ وَهِيَ الْجَنَّةُ ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: غَيْرُ مَمْنُونٍ عَلَيْهِمْ مَنَّ أَذًى.
113
تَفْسِيرُ سُورَةِ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَهِي مَكِّيَّة كلهَا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير سُورَة البروج من آيَة ١ - ١٠
114
سورة الإنشقاق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانشقاق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الانفطار)، وقد افتُتحت ببيان ما يسبق يومَ القيامة من أهوالٍ، وجاءت على ذكرِ أحوال الناس عند لقاء الله، وفي جزائهم وتقسيمهم إلى صِنْفَينِ: صنفٍ آمن بهذا اليوم فهو من أهل الجنان، وصنفٍ كذَّب به فهو من أهل النيران.

ترتيبها المصحفي
84
نوعها
مكية
ألفاظها
109
ترتيب نزولها
83
العد المدني الأول
25
العد المدني الأخير
25
العد البصري
23
العد الكوفي
25
العد الشامي
23

* سورة (الانشقاق):

سُمِّيت سورة (الانشقاق) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ} [الانشقاق: 1].

* سورة (الانشقاق) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو الصحابةَ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. من أهوال يوم القيامة (١-٥).

2. أحوال الإنسان عند لقاء ربه (٧-١٥).

3. أحوال الإنسان في هذه الحياة (١٦-٢٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /75).

إثباتُ هولِ يوم القيامة، وما يسبقه من أحداث، وتنعيمُ اللهِ أولياءَه يوم الحساب؛ لأنَّهم صدَّقوا بهذا اليوم وآمَنوا به، وعقاب الله لمن كفَر بهذا اليوم؛ لأنهم كانوا لا يُقِرُّون بالبعث والعَرْضِ على الملك الذي أوجَدهم وربَّاهم؛ كما يَعرِض الملوك عبيدَهم، ويحكُمون بينهم؛ فينقسمون إلى أهل ثواب، وأهل عقاب، واسمها (الانشقاق) دالٌّ على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /172).

(وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا كَالشِّهَابِ وَضَوْئِهِ يَحُورُ رَمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِع)