تفسير سورة الإنشقاق

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة الإنشقاق من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ﴾ أي: انْفَطَرَتْ وَتَمَايَزَ بعضُها مِنْ بَعْضٍ.
﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ سَمعَتْ وَأَطَاعَتْ، وَحُقَّ لها ذلك؛ فإنها مُسَخَّرَةٌ مُدَبَّرَةٌ.
﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾ أي: زِيدَ في سَعَتِهَا كما يُمَدُّ الأديمُ؛ أي: الجِلْدُ إذ لم يَبْقَ عليها بناءٌ ولا جَبَلٌ.
﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾ أي: أَلْقَتْ ما فيها من الموتى، أَلْقَتْهُمْ أَحْيَاءً عَلَى ظَهْرِهَا وَتَخَلَّتْ عما كان في بَطْنِهَا.
﴿كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ﴾ أي: عاملٌ كاسبٌ للخيرِ أو الشَّرِّ.
﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ أي ملاقٍ رَبَّكَ بعد موتِك فلا تُعْدَمُ منه جزاءً بالفضلِ إِنْ كُنْتَ سَعِيدًا، وبالعقوبةِ العادلةِ إن كُنْتَ شَقِيًّا.
﴿أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ وهم المؤمنونَ يُعْطَوْنَ الصُّحُفَ التي فيها أعمالهم باليمين.
﴿وَرَاء ظَهْرِهِ﴾ أي: يأخذُ بشماله مِنْ وراءِ ظَهْرِهِ إِهَانَةً له.
﴿فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا﴾ أي: يدعو عَلَى نَفْسِهِ بالثبور، يقول: وَاثَبُورَاهُ يَا وَيْلَاهُ، وما أَشْبَهَ ذلك من كلماتِ الندمِ والحسرةِ، وهذا من الخِزْيِ والفضيحةِ.
﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ﴾ الحَوْرُ: الرُّجُوعُ، والمعنى: أي: أنه كان في الدنيا يَظُنُّ أنه لا يَرْجِعُ إلى الحياةِ بَعْدَ الموتِ؛ فَلِذَا لم يَعْمَلُ خَيْرًا قَطُّ ولم يَتَوَرَّعْ عن تَرْكِ الشرِّ قَطُّ لِعَدَمِ إيمانِه بالبعثِ.
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ﴾ أي الحُمْرَةِ في الأُفُقِ بعد الغروبِ.
﴿وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ﴾ أي: ضَمَّ وَجَمَعَ ما كان مُنْتَشِرًا بالنهارِ من الخَلْقِ وَالدَّوَابِّ، وذلك أن الليلَ إذا أَقْبَلَ أَوَى كلُّ شيءٍ إلى مَأْوَاهُ، والوَسقُ: ضَمُّ الشيءِ بعضِه إلى بعضٍ.
﴿وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ﴾ أي اجْتَمَعَ وَتَمَّ نُورُهُ، وذلك في الليالي البِيضِ.
﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ﴾ أي: أَطْوَارًا مُتَعَدِّدَةً وَأَحْوَالًا مُتَبَايِنَةً، من النُّطْفَةِ إلى العَلَقَةِ إلى المُضْغَةِ إلى نَفْخِ الرُّوحِ، ثم يكون وَلِيدًا وَطِفْلًا وَمُمَيِّزًا، ثم يجري عَلَيْهِ قَلَمُ التكليفِ والأَمْرُ وَالنَّهْيُ، ثم يموتُ بعد ذلك، ثم يُبْعَثُ وَيُجَازَى بأعماله. فهذه الطبقاتُ المختلفةُ الجاريةُ عَلَى العَبْدِ دَالَّةٌ عَلَى أن اللهَ وَحْدَهُ هُوَ المعبودُ المدبرُ لعبادِه بِحِكْمَتِه وَرَحْمَتِهِ، وأن العبدَ فقيرٌ عاجزٌ تَحْتَ تدبيرِ العزيزِ الرحيمِ.
﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ﴾ في قُلُوبِهِمْ من الكُفْرِ والتكذيبِ، وفي نفوسِهم من الحسدِ والكِبْرِ والغِلِّ والبُغْضِ، واللهُ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَجَهْرَهُمْ.
﴿أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ أي: غيرُ مَقْطُوعٍ وَلَا مَنْقُوصٍ.
25
سُورة البُرُوج
سورة الإنشقاق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانشقاق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الانفطار)، وقد افتُتحت ببيان ما يسبق يومَ القيامة من أهوالٍ، وجاءت على ذكرِ أحوال الناس عند لقاء الله، وفي جزائهم وتقسيمهم إلى صِنْفَينِ: صنفٍ آمن بهذا اليوم فهو من أهل الجنان، وصنفٍ كذَّب به فهو من أهل النيران.

ترتيبها المصحفي
84
نوعها
مكية
ألفاظها
109
ترتيب نزولها
83
العد المدني الأول
25
العد المدني الأخير
25
العد البصري
23
العد الكوفي
25
العد الشامي
23

* سورة (الانشقاق):

سُمِّيت سورة (الانشقاق) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ} [الانشقاق: 1].

* سورة (الانشقاق) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو الصحابةَ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. من أهوال يوم القيامة (١-٥).

2. أحوال الإنسان عند لقاء ربه (٧-١٥).

3. أحوال الإنسان في هذه الحياة (١٦-٢٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /75).

إثباتُ هولِ يوم القيامة، وما يسبقه من أحداث، وتنعيمُ اللهِ أولياءَه يوم الحساب؛ لأنَّهم صدَّقوا بهذا اليوم وآمَنوا به، وعقاب الله لمن كفَر بهذا اليوم؛ لأنهم كانوا لا يُقِرُّون بالبعث والعَرْضِ على الملك الذي أوجَدهم وربَّاهم؛ كما يَعرِض الملوك عبيدَهم، ويحكُمون بينهم؛ فينقسمون إلى أهل ثواب، وأهل عقاب، واسمها (الانشقاق) دالٌّ على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /172).