تفسير سورة الإنشقاق

تفسير ابن عباس

تفسير سورة سورة الإنشقاق من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المعروف بـتفسير ابن عباس.
لمؤلفه الفيروزآبادي . المتوفي سنة 817 هـ

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِذَا السمآء انشقت﴾ يَقُول انشقت بالغمام والغمام مثل السَّحَاب الْأَبْيَض لنزول الرب بِلَا كَيفَ وَالْمَلَائِكَة وَمَا يَشَاء من أمره
﴿وَأَذِنَتْ﴾ سَمِعت وأطاعت ﴿لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ حق لَهَا أَن تفعل
﴿وَإِذَا الأَرْض مُدَّتْ﴾ مد الْأَدِيم العكاظي وَبسطت وَيُقَال نزعت من أماكنها وسويت
﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا﴾ من الْأَمْوَات والكنوز ﴿وَتَخَلَّتْ﴾ عَن ذَلِك فَصَارَت خَالِيَة من ذَلِك
﴿وَأَذِنَتْ﴾ سَمِعت وأطاعت ﴿لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ وَحقّ لَهَا ذَلِك
﴿يَا أَيهَا الْإِنْسَان﴾ وَهُوَ الْكَافِر أَبُو الْأسود بن كلدة بن أسيد بن خلف ﴿إِنَّكَ كَادِحٌ﴾ يَقُول عَامل عملا فِي كفرك فترجع بذلك ﴿إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً﴾ فِي الْآخِرَة وَيُقَال ساع سعياً ﴿فَمُلاَقِيهِ﴾ عَمَلك من خير أَو شَرّ
﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ﴾ أعطي ﴿كِتَابَهُ﴾ كتاب حَسَنَاته ﴿بِيَمِينِهِ﴾ وَهُوَ أَبُو سَلمَة بن عبد الْأسد
﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً﴾ هيناً وَهُوَ الْعرض
﴿وَيَنقَلِبُ﴾ يرجع فِي الْآخِرَة ﴿إِلَى أَهْلِهِ﴾ الَّذِي أعد الله لَهُ فِي الْجنَّة ﴿مَسْرُوراً﴾ بهم
﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ﴾ أعطي كتاب سيئاته ﴿وَرَآءَ ظَهْرِهِ﴾ خلف ظَهره بِشمَالِهِ وَهُوَ الْأسود بن عبد الْأسد أَخُو أبي سَلمَة
﴿فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً﴾ يَقُول واويلاه واثبوراه
﴿وَيصلى سَعِيراً﴾ يدْخل نَارا وقوداً
﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ بهم
﴿إِنَّهُ ظَنَّ﴾ حسب ﴿أَن لَّن يَحُورَ﴾ يَعْنِي أَن لن يرجع إِلَى ربه فِي الْآخِرَة وَهُوَ بِلِسَان الْحَبَشَة يحور يرجع
﴿بلَى﴾ ليحورن إِلَى ربه فِي الْآخِرَة ﴿إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ﴾ من يَوْم خلقه ﴿بَصِيراً﴾ عَالما بِأَن يَبْعَثهُ بعد الْمَوْت
﴿فَلاَ أُقْسِمُ﴾ يَقُول أقسم ﴿بالشفق﴾ وَهُوَ حمرَة الْمغرب بعد غرُوب الشَّمْس
﴿وَاللَّيْل وَمَا وَسَقَ﴾ وَأقسم بِاللَّيْلِ وَمَا وسق جمع وَرجع إِلَى وَطنه إِذا جن اللَّيْل
﴿وَالْقَمَر إِذَا اتسق﴾ وَأقسم بالقمر إِذا اجْتمع وتكامل ثَلَاث لَيَال لَيْلَة ثَلَاث عشرَة وَلَيْلَة أَربع عشرَة وَلَيْلَة خمس عشرَة
﴿لَتَرْكَبُنَّ﴾ لتحولن جملَة الْخلق ﴿طَبَقاً عَن طَبقٍ﴾ حَالا بعد حَال من حِين خلقهمْ إِلَى أَن يموتوا وَمن حِين مَوْتهمْ إِلَى أَن يدخلُوا الْجنَّة أَو النَّار يحولهم الله من حَال إِلَى حَال وَيُقَال لتركبن يَا مُحَمَّد لتصعدن طبقًا عَن طبق يَقُول من سَمَاء إِلَى سَمَاء لَيْلَة الْمِعْرَاج إِن قَرَأت بِنصب الْبَاء وَيُقَال ليركبن هَذَا المكذب طبقًا عَن طبق حَالا بعد حَال من حِين يَمُوت إِلَى أَن يدْخل النَّار إِن قَرَأت بِالْيَاءِ ونصبت الْيَاء
﴿فَمَا لَهُمْ﴾ لكفار مَكَّة وَيُقَال لبني عبد ياليل الثَّقَفِيّ وَكَانُوا ثَلَاثَة مَسْعُود وحبِيب وَرَبِيعَة فَاسْلَمْ مِنْهُم حبيب وَرَبِيعَة بعد ذَلِك ﴿لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن
﴿وَإِذا قرئَ عَلَيْهِم﴾ وَإِذا قَرَأَ عَلَيْهِم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿الْقُرْآن﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي ﴿لاَ يَسْجُدُونَ﴾ لَا يخضعون لله بِالتَّوْحِيدِ
﴿بَلِ الَّذين كَفَرُواْ﴾ كفار مَكَّة وَمن لم يُؤمن من بني عبد ياليل ﴿يُكَذِّبُونَ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن
﴿وَالله أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ﴾ بِمَا يَقُولُونَ ويعملون وَيُقَال بِمَا يسمعُونَ ويضمرون فِي قُلُوبهم
﴿فَبَشِّرْهُمْ﴾ يَا مُحَمَّد لمن لَا يُؤمن بِهِ ﴿بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ وجيع يخلص وَجَعه إِلَى قُلُوبهم يَوْم بدر فى الْآخِرَة ثمَّ اسْتثْنى الَّذين آمنُوا فَقَالَ
﴿إِلَّا الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ والطاعات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿لَهُمْ أَجْرٌ﴾ ثَوَاب فِي الْجنَّة ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ غير مَنْقُوص وَلَا مكدر وَيُقَال لَا يمنون بذلك وَيُقَال لَا ينقص من حسناتهم بعد الْهَرم وَالْمَوْت
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا البروج وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ وكلماتها مائَة وتسع كَلِمَات وحروفها أَرْبَعمِائَة وَثَمَانِية وَثَلَاثُونَ
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
سورة الإنشقاق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانشقاق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الانفطار)، وقد افتُتحت ببيان ما يسبق يومَ القيامة من أهوالٍ، وجاءت على ذكرِ أحوال الناس عند لقاء الله، وفي جزائهم وتقسيمهم إلى صِنْفَينِ: صنفٍ آمن بهذا اليوم فهو من أهل الجنان، وصنفٍ كذَّب به فهو من أهل النيران.

ترتيبها المصحفي
84
نوعها
مكية
ألفاظها
109
ترتيب نزولها
83
العد المدني الأول
25
العد المدني الأخير
25
العد البصري
23
العد الكوفي
25
العد الشامي
23

* سورة (الانشقاق):

سُمِّيت سورة (الانشقاق) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ} [الانشقاق: 1].

* سورة (الانشقاق) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو الصحابةَ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. من أهوال يوم القيامة (١-٥).

2. أحوال الإنسان عند لقاء ربه (٧-١٥).

3. أحوال الإنسان في هذه الحياة (١٦-٢٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /75).

إثباتُ هولِ يوم القيامة، وما يسبقه من أحداث، وتنعيمُ اللهِ أولياءَه يوم الحساب؛ لأنَّهم صدَّقوا بهذا اليوم وآمَنوا به، وعقاب الله لمن كفَر بهذا اليوم؛ لأنهم كانوا لا يُقِرُّون بالبعث والعَرْضِ على الملك الذي أوجَدهم وربَّاهم؛ كما يَعرِض الملوك عبيدَهم، ويحكُمون بينهم؛ فينقسمون إلى أهل ثواب، وأهل عقاب، واسمها (الانشقاق) دالٌّ على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /172).