تفسير سورة الواقعة

غريب القرآن

تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب غريب القرآن
لمؤلفه زيد بن علي . المتوفي سنة 120 هـ

أخبرنا أبو جعفر. قال : حدّثنا علي بن أحمد. قال : حدّثنا عطاء بن السائب عن أبي خالد عن زيد بن علي عليهما السّلامُ في قولهِ تعالى :﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ﴾ فالوَاقِعةُ القِيامةُ. وكذلكَ الآزِفةُ.
وقوله تعالى :﴿ إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجّاً ﴾ اضطربتْ وتَحركتْ.
وقوله تعالى :﴿ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً ﴾ أي خُلِطتْ. والمَبسوسُ : المَبلولُ.
والهَباءُ : الغِبارُ الذي تَراهُ من الشَّمسِ في الكُوةِ. ويقال : الترابُ الذي يكونُ عَلى إثرِ الدَّوابِ. والمُنبثُّ : المُتفرقُ.
وقوله تعالى :﴿ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ﴾ أي أصحابُ المَيسرةِ.
وقوله تعالى :﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ ﴾ أي جماعةٌ.
وقوله تعالى :﴿ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ ﴾ معناه مزمولةٌ بالذَّهبِ.
وقوله تعالى :﴿ مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ﴾ معناه لا ينظرُ بَعضُهم إِلى قَفا بعضٍ أينما شاؤوا تَقابلُوا.
وقوله تعالى :﴿ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ﴾ معناه شبابٌ لا يموتون.
وقوله تعالى :﴿ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ ﴾ فالأَكوابُ : الأَباريقُ التي لا عُرى لها. واحدُها كُوبٌ.
وقوله تعالى :﴿ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ﴾ فالكأسُ : الإِناءُ بشَرابِهِ ولا يُسمى كأساً إلاّ بهِ. والمَعينُ : الخَمرُ.
وقوله تعالى :﴿ لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ ﴾ أي لا تَصدَعُ رءوسُهم. ولا يُنزفون : أي لا يَسكِرون.
وقوله تعالى :﴿ وَحُورٌ عِينٌ ﴾ فالحورُ : السَّوادُ الحَدقِ. ويقال الحُورُ : الذي يَحارُ فيهِ الطَّرفُ.
وقوله تعالى :﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ﴾ أي لا شوكَ لها. ويقال : المُوقرُ.
وقوله تعالى :﴿ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ﴾ فالطّلحُ : الموزُ. والطّلحُ : العُظامُ، الكَثيرُ الشَّوكِ.
وقوله تعالى :﴿ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ ﴾ معناه دائمٌ.
وقوله تعالى :﴿ وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ ﴾ أي سائلٌ.
وقوله تعالى :﴿ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً ﴾ فالعُربُ : الحَسِناتُ التبعلُ لأزواجهنَّ. والأَترابُ : الأَسنانُ والأَمثالُ.
وقوله تعالى :﴿ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ ﴾ فاليَحمومُ الدّخانُ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ﴾ معناه متكبرونَ.
وقوله تعالى :﴿ يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ ﴾ معناه يُقيمون ويَديمونَ على الإِثمِ العَظيمِ. ويقالُ : هي اليَمينُ الغَموسُ ويقالُ : عَلَى الشِّركِ.
وقوله تعالى :﴿ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ﴾ معناه الإِبلُ العِطَاشُ التي لا تُروى. وكذلك الرَّملُ.
وقوله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ ﴾ معناه من المَنى.
وقوله تعالى :﴿ وَنُنشِئَكُمْ ﴾ أي نُبدّلُكُم.
وقوله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ ﴾ معناه تَنبتونَهُ.
وقوله تعالى :﴿ لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً ﴾ معناه رُفاتٌ.
وقوله تعالى :﴿ فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾ معناه تَتَعجبون. ويقال تَتَلاومون. ويقال : تندمون وهي لغة لعُكلٍ وتميم.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ﴾ معناه مُعذَّبون.
وقوله تعالى :﴿ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ ﴾ معناه السَّحابُ.
وقوله تعالى :﴿ لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً ﴾ معناه مالحٌ أشد مَا يكونُ الملوحة.
وقوله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ﴾ أي تَسجرون. يقال أوريتُ، ووريتُ.
وقوله تعالى :﴿ وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ ﴾ معناه الذين لا زادَ مَعهُم. ويقال للمسافرينَ والحَاضرينَ.
وقوله تعالى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ معناه أقسمُ بالقُرآنِ نَزلَ نُجوماً متفرقاً ثلاث آياتٍ أو أربع أو خمس آياتٍ.
وقوله تعالى :﴿ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ معناه الملائكةُ المُوكلون باللوحِ المحفوظِ الذين طُهِّرُوا من الشّركِ. وقال : لا يجدُ طَعمَ القُرآنِ ونَفعَهُ إلاّ مَنْ آمنَ بهِ.
وقوله تعالى :﴿ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ ﴾ أي مُداهِنون بما لزِمهم.
وقوله تعالى :﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ معناه يقولونَ مُطرنَا بنوءِ كذا وذَا. والرِّزقُ : الشّكرُ.
وقوله تعالى :﴿ غَيْرَ مَدِينِينَ ﴾ معناه غير مَجْزِيينَ.
وقوله تعالى :﴿ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ ﴾ معناه بَردٌ وهو الاستراحةُ. والرَّيحانُ : معناه حياةٌ وبقاءٌ ورِزقٌ.
سورة الواقعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الواقعة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (طه)، وقد جاءت بتذكيرِ الناس بوقوع يوم القيامة؛ للدَّلالة على عظمة الله عز وجل، وترهيبًا لهم من مخالفة أوامره، ودعوةً لهم إلى اتباع الدِّين الحق وتركِ الباطل، وخُتمت السورة الكريمة بتعظيمِ القرآن، وصدقِ أخباره وما جاء به، وقد أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في صلاة الفجر.

ترتيبها المصحفي
56
نوعها
مكية
ألفاظها
380
ترتيب نزولها
46
العد المدني الأول
99
العد المدني الأخير
99
العد البصري
97
العد الكوفي
96
العد الشامي
99

* قوله تعالى: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ ٧٥ وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦ إِنَّهُۥ لَقُرْءَانٞ كَرِيمٞ ٧٧ فِي كِتَٰبٖ مَّكْنُونٖ ٧٨ لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا اْلْمُطَهَّرُونَ ٧٩ تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ اْلْعَٰلَمِينَ ٨٠ أَفَبِهَٰذَا اْلْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ٨١ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 75-82]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «مُطِرَ الناسُ على عهدِ النبيِّ ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ: «أصبَحَ مِن الناسِ شاكرٌ، ومنهم كافرٌ، قالوا: هذه رحمةُ اللهِ، وقال بعضُهم: لقد صدَقَ نَوْءُ كذا وكذا»، قال: فنزَلتْ هذه الآيةُ: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ} [الواقعة: 75]، حتى بلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]». أخرجه مسلم (٧٣).

* سورة (الواقعة):

سُمِّيت هذه السورة بـ(الواقعة)؛ لافتتاحِها بهذا اللفظ، ولتسميةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها بذلك:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

و(الواقعةُ): اسمٌ من أسماءِ يوم القيامة.

* سورة (الواقعة) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الواقعة) في صلاة الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي الصَّلواتِ كنَحْوٍ مِن صلاتِكم التي تُصَلُّون اليومَ، ولكنَّه كان يُخفِّفُ، كانت صَلاتُه أخَفَّ مِن صَلاتِكم، وكان يَقرأُ في الفجرِ الواقعةَ، ونحوَها مِن السُّوَرِ». أخرجه أحمد (٢٠٩٩٥).

1. تحقيق القيامة (١-٥٦).

2. دلائلُ البعث والجزاء (٥٧-٧٤).

3. تعظيم القرآن، وصدقُ أخباره (٧٥-٩٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /598).

مقصدُ سورة (الواقعة) هو التذكيرُ بوقوع يوم القيامة وهَوْلِه، ووصفُ ما يحدُثُ به؛ لتخويف الناس وترهيبهم من معصية الله عز وجل ومخالفة أمره، وفي ذلك دعوةٌ لهم للرجوع إلى الحق، والاستجابة لأمر الله.

ويُبيِّن ابن عاشور محورَها فيقول: «هو التذكيرُ بيوم القيامة، وتحقيق وقوعه.

ووصفُ ما يَعرِض لهذا العالَمِ الأرضي عند ساعة القيامة.

ثم صفة أهل الجنة وبعض نعيمهم.

وصفة أهل النار وما هم فيه من العذاب، وأن ذلك لتكذيبهم بالبعث.

وإثبات الحشر والجزاء.

والاستدلال على إمكان الخَلْق الثاني بما أبدعه الله من الموجودات بعد أن لم تكن.

والاستدلال بدلائل قدرة الله تعالى.

والاستدلال بنزعِ الله الأرواحَ من الأجساد والناس كارهون لا يستطيع أحدٌ مَنْعَها من الخروج، على أن الذي قدَرَ على نزعها بدون مُدافعٍ قادرٌ على إرجاعها متى أراد على أن يُمِيتَهم.

وتأكيد أن القرآن منزلٌ من عند الله، وأنه نعمةٌ أنعم الله بها عليهم فلم يشكروها، وكذَّبوا بما فيه». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /280).