تفسير سورة الواقعة

التبيان في تفسير غريب القرآن

تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب التبيان في تفسير غريب القرآن
لمؤلفه ابن الهائم . المتوفي سنة 815 هـ

" وقعت الواقعة " أي قامت القيامة.
" خافضة رافعة " تخفض قوما إلى النار وترفع قوما إلى الجنة.
" رجت الأرض رجا " زلزلت أي اضطربت وتحركت.
" وبست الجبال بسا " فتتت بلغة كنانة كالدقيق والسويق المبسوس أي المبلول قال لص من غطفان وأراد أن يخبز فخاف أن يعجل عن الخبز قبل الدقيق وأكله عجينا وقال لا تخبز خبزا وبسا بسا.
" منبثا " أي ترابا منتشرا والهباء المنبث ما ينقطع من سنابك الخيل وهو من الهبوة أي الغبار.
" الميمنة " و " المشأمة " من اليمين والشمال أصحاب الميمنة الذين يعطون كتبهم بأيمانهم وأصحاب المشأمة الذين يعطون كتبهم بشمائلهم والعرب يسمون اليد اليسرى الشؤمى والجانب الأيسر ألأشأم ومنه اليمن والشؤم فاليمن كأنه ما جاء عن اليمين والشؤم ما جاء عن الشمال ومنه اليمن والشام لأنهما يمين " الكعبة وشمالها ويقال أصحاب الميمنة أصحاب اليمن على أنفسهم أي كانوا ميامين على أنفسهم وأصحاب المشأمة أي أصحاب الشؤم على أنفسهم لأنهم كانوا مشائيم على أنفسهم.
" ثلة " جماعة.
" موضونة " منسوجة بعضها على بعض كما توضن الدرع في بعض مضاعفة وفي التفسير موضونة منسوجة باليواقيت والجواهر.
" ولدان مخلدون " أي مبقون ولدانا لا يهرمون ولا يتغيرون ويقال مخلدون مسورون ويقال مقرطون ويقال محلون ويقال لجماعة الحلي الخلد.
" وكأس من معين " أي من خمر يجري من العيون.
" وحور عين " الحور جمع حوراء وهي الشديدة بياض العين في شدة سوادها والعين واسعات العيون والواحدة العيناء.
" في سدر " السدر شجر النبق، " مخضود " أي لا شوك فيه كأنه خضد شوكه أي قطع يعني خلقته خلقة المخضود.
" وطلح " أي موز والطلح أيضا شجر عظام كثير الشوك.
" وظل ممدود " أي دائم لا تنسخه الشمس إلا أنه ينير كأحسن ما يكون من النور.
" وماء مسكوب " أي مصبوب سائل.
" عربا " جمع عروب والعروب المتحببة إلى زوجها ويقال العاشقة لزوجها الحسنة التبعل، " أترابا " جمع ترب أي أقرانا أسنانهن واحدة.
" وظل من يحموم " قيل إنه دخان أسود واليحموم الشديد السواد.
" يصرون على الحنث " يقيمون على الإثم والحنث الشرك والحنث الكبير من الذنوب - زه - الحنث العظيم قيل هو المشار إليه في قوله تعالى " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ".
" شرب الهيم " الهيم إبل يصيبها داء يقال له الهيام تشرب الماء فلا " تروى ويقال بعير أهيم وناقة هيماء.
" ما تمنون " من المني وهو الماء الغليظ الذي يكون منه الولد.
" تحرثون " الحرث إصلاح الأرض وإلقاء البذر فيها.
" حطاما " فتاتا والحطام ما عظم من عيدان الزرع إذا يبس، " فظلتم تفكهون " تعجبون ويقال تفكهون وتفكنون بالنون لغة عكل أي تندمون.
" إنا لمغرمون " أي معذبون من قوله " إن عذابها كان غراما " أي هلاكا وقيل المعنى إنا لمولع بنا.
" محرومون " ممنوعون من الرزق جمع محروم.
" من المزن " أي السحاب.
" النار التي تورون " تستخرجونها بقداحكم من الزنود.
" ومتاعا للمقوين " أي المسافرين سموا بذلك للزومهم القواء أي القفر ويقال المقوين الذين لا زاد معهم ولا مال لهم والمقوي أيضا الكثير المال وهو " من الأضداد.
" أقسم " أحلف بمواقع النجوم يعني نجوم القرآن إذا نزل ويقال يعني مساقط النجوم في المغرب.
" مدهنون " أي مكذبون ويقال كافرون ويقال مسرون خلاف ما يظهرون.
" وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون " أي تجعلون شكر رزقكم التكذيب فحذف الشكر وأقيم الرزق مقامه كقوله " واسأل القرية " أي أهل القرية.
" مدينين " مجزيين ويقال مملوكين أذلاء من قولك دنت له بالطاعة.
" فروح وريحان " الروح نسيم طيب والريحان رزق ومن قرأ فروح أي بالضم فمعناه حياة لا موت فيها.
" حق اليقين " هو كقوله " عين اليقين " وكقولك محض اليقين.
سورة الواقعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الواقعة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (طه)، وقد جاءت بتذكيرِ الناس بوقوع يوم القيامة؛ للدَّلالة على عظمة الله عز وجل، وترهيبًا لهم من مخالفة أوامره، ودعوةً لهم إلى اتباع الدِّين الحق وتركِ الباطل، وخُتمت السورة الكريمة بتعظيمِ القرآن، وصدقِ أخباره وما جاء به، وقد أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في صلاة الفجر.

ترتيبها المصحفي
56
نوعها
مكية
ألفاظها
380
ترتيب نزولها
46
العد المدني الأول
99
العد المدني الأخير
99
العد البصري
97
العد الكوفي
96
العد الشامي
99

* قوله تعالى: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ ٧٥ وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦ إِنَّهُۥ لَقُرْءَانٞ كَرِيمٞ ٧٧ فِي كِتَٰبٖ مَّكْنُونٖ ٧٨ لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا اْلْمُطَهَّرُونَ ٧٩ تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ اْلْعَٰلَمِينَ ٨٠ أَفَبِهَٰذَا اْلْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ٨١ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 75-82]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «مُطِرَ الناسُ على عهدِ النبيِّ ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ: «أصبَحَ مِن الناسِ شاكرٌ، ومنهم كافرٌ، قالوا: هذه رحمةُ اللهِ، وقال بعضُهم: لقد صدَقَ نَوْءُ كذا وكذا»، قال: فنزَلتْ هذه الآيةُ: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ} [الواقعة: 75]، حتى بلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]». أخرجه مسلم (٧٣).

* سورة (الواقعة):

سُمِّيت هذه السورة بـ(الواقعة)؛ لافتتاحِها بهذا اللفظ، ولتسميةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها بذلك:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

و(الواقعةُ): اسمٌ من أسماءِ يوم القيامة.

* سورة (الواقعة) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الواقعة) في صلاة الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي الصَّلواتِ كنَحْوٍ مِن صلاتِكم التي تُصَلُّون اليومَ، ولكنَّه كان يُخفِّفُ، كانت صَلاتُه أخَفَّ مِن صَلاتِكم، وكان يَقرأُ في الفجرِ الواقعةَ، ونحوَها مِن السُّوَرِ». أخرجه أحمد (٢٠٩٩٥).

1. تحقيق القيامة (١-٥٦).

2. دلائلُ البعث والجزاء (٥٧-٧٤).

3. تعظيم القرآن، وصدقُ أخباره (٧٥-٩٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /598).

مقصدُ سورة (الواقعة) هو التذكيرُ بوقوع يوم القيامة وهَوْلِه، ووصفُ ما يحدُثُ به؛ لتخويف الناس وترهيبهم من معصية الله عز وجل ومخالفة أمره، وفي ذلك دعوةٌ لهم للرجوع إلى الحق، والاستجابة لأمر الله.

ويُبيِّن ابن عاشور محورَها فيقول: «هو التذكيرُ بيوم القيامة، وتحقيق وقوعه.

ووصفُ ما يَعرِض لهذا العالَمِ الأرضي عند ساعة القيامة.

ثم صفة أهل الجنة وبعض نعيمهم.

وصفة أهل النار وما هم فيه من العذاب، وأن ذلك لتكذيبهم بالبعث.

وإثبات الحشر والجزاء.

والاستدلال على إمكان الخَلْق الثاني بما أبدعه الله من الموجودات بعد أن لم تكن.

والاستدلال بدلائل قدرة الله تعالى.

والاستدلال بنزعِ الله الأرواحَ من الأجساد والناس كارهون لا يستطيع أحدٌ مَنْعَها من الخروج، على أن الذي قدَرَ على نزعها بدون مُدافعٍ قادرٌ على إرجاعها متى أراد على أن يُمِيتَهم.

وتأكيد أن القرآن منزلٌ من عند الله، وأنه نعمةٌ أنعم الله بها عليهم فلم يشكروها، وكذَّبوا بما فيه». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /280).