تفسير سورة الواقعة

تفسير الإمام مالك

تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب تفسير الإمام مالك
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ [ الواقعة : ٧٩ ].
٨٦٠- يحيى : قال مالك : أحسن ما سمعت في هذه الآية :﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ أنها هي بمنزلة هذه الآية التي في عبس وتولى، قول الله تبارك وتعالى :﴿ كلا إنها تذكرة* فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة* مرفوعة مطهرة* بأيدي سفرة* كرام بررة ﴾١. قال مالك : ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته، ولا على وسادة إلا وهو طاهر، ولو جاز ذلك لحمل في خبيئته ولم يكره ذلك. لأن يكون في يدي الذي يحمله شيء يدنس به المصحف. ولكن إنما كره ذلك، لمن يحمله وهو غير طاهر، إكراما للقرآن وتعظيما له. ٢
٨٦١- القعنبي : عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم٣، أن لا يمس القرآن إلا طاهر. ٤
١ - سورة عبس، الآية: ١١، ١٢، ١٣، ١٤، ١٥، ١٦..
٢ - الموطأ: ١/١٩٩. كتاب القرآن، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن. قال القاضي ابن العربي في أحكام القرآن: يريد – يعني مالكا- أن المطهرين هم الملائكة الذين وصفوا بالطهارة في سورة ﴿يس﴾ ٤/ ١٧٣٨، ينظر: موطأ مالك برواية العقنبي: ١٣٠-١٣١-١٣٢ باب ما جاء في طهر من قرأ القرآن أو مسه، والهداية: ٢٣٨ مخطوط خ. ح ٩٧٨٢، والجامع: ١٧/٢٢٥-٢٢٧ ولباب التأويل: ٧/٢٥، والدر: ٨/٢٧، وروح المعاني: م ٩ ج ٢٧/١٥٤..
٣ - عمرو بن حزم بن زين بن لوذان الأنصاري، أبو الضحاك، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على نجران وهو ابن ١٧ سنة، مات سنة ٥١ وقيل ٥٤، التهذيب: ٨/٢٠..
٤ -الموطأ برواية القعنبي: ١٣٠. ينظر: موطأ يحيى: ١/ ١٩٩ كتاب القرآن وموطأ محمد الحديث: ٢٩٧- ١٠٦ رواه القاضي ابن العربي في أحكام القرآن مع بعض الزيادات، قال: "روى مالك وغيره أن في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسخته: من محمد إلى شرحبيل بن عبد كلال والحارث بن عبد بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال قبل ذي رعين ومعافر وهمذان: أما بعد، وكان في كتابه ألا يمس القرآن إلا طاهر": ٤/ ١٧٣٨..
سورة الواقعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الواقعة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (طه)، وقد جاءت بتذكيرِ الناس بوقوع يوم القيامة؛ للدَّلالة على عظمة الله عز وجل، وترهيبًا لهم من مخالفة أوامره، ودعوةً لهم إلى اتباع الدِّين الحق وتركِ الباطل، وخُتمت السورة الكريمة بتعظيمِ القرآن، وصدقِ أخباره وما جاء به، وقد أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في صلاة الفجر.

ترتيبها المصحفي
56
نوعها
مكية
ألفاظها
380
ترتيب نزولها
46
العد المدني الأول
99
العد المدني الأخير
99
العد البصري
97
العد الكوفي
96
العد الشامي
99

* قوله تعالى: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ ٧٥ وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦ إِنَّهُۥ لَقُرْءَانٞ كَرِيمٞ ٧٧ فِي كِتَٰبٖ مَّكْنُونٖ ٧٨ لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا اْلْمُطَهَّرُونَ ٧٩ تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ اْلْعَٰلَمِينَ ٨٠ أَفَبِهَٰذَا اْلْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ٨١ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 75-82]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «مُطِرَ الناسُ على عهدِ النبيِّ ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ: «أصبَحَ مِن الناسِ شاكرٌ، ومنهم كافرٌ، قالوا: هذه رحمةُ اللهِ، وقال بعضُهم: لقد صدَقَ نَوْءُ كذا وكذا»، قال: فنزَلتْ هذه الآيةُ: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ} [الواقعة: 75]، حتى بلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]». أخرجه مسلم (٧٣).

* سورة (الواقعة):

سُمِّيت هذه السورة بـ(الواقعة)؛ لافتتاحِها بهذا اللفظ، ولتسميةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها بذلك:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

و(الواقعةُ): اسمٌ من أسماءِ يوم القيامة.

* سورة (الواقعة) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الواقعة) في صلاة الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي الصَّلواتِ كنَحْوٍ مِن صلاتِكم التي تُصَلُّون اليومَ، ولكنَّه كان يُخفِّفُ، كانت صَلاتُه أخَفَّ مِن صَلاتِكم، وكان يَقرأُ في الفجرِ الواقعةَ، ونحوَها مِن السُّوَرِ». أخرجه أحمد (٢٠٩٩٥).

1. تحقيق القيامة (١-٥٦).

2. دلائلُ البعث والجزاء (٥٧-٧٤).

3. تعظيم القرآن، وصدقُ أخباره (٧٥-٩٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /598).

مقصدُ سورة (الواقعة) هو التذكيرُ بوقوع يوم القيامة وهَوْلِه، ووصفُ ما يحدُثُ به؛ لتخويف الناس وترهيبهم من معصية الله عز وجل ومخالفة أمره، وفي ذلك دعوةٌ لهم للرجوع إلى الحق، والاستجابة لأمر الله.

ويُبيِّن ابن عاشور محورَها فيقول: «هو التذكيرُ بيوم القيامة، وتحقيق وقوعه.

ووصفُ ما يَعرِض لهذا العالَمِ الأرضي عند ساعة القيامة.

ثم صفة أهل الجنة وبعض نعيمهم.

وصفة أهل النار وما هم فيه من العذاب، وأن ذلك لتكذيبهم بالبعث.

وإثبات الحشر والجزاء.

والاستدلال على إمكان الخَلْق الثاني بما أبدعه الله من الموجودات بعد أن لم تكن.

والاستدلال بدلائل قدرة الله تعالى.

والاستدلال بنزعِ الله الأرواحَ من الأجساد والناس كارهون لا يستطيع أحدٌ مَنْعَها من الخروج، على أن الذي قدَرَ على نزعها بدون مُدافعٍ قادرٌ على إرجاعها متى أراد على أن يُمِيتَهم.

وتأكيد أن القرآن منزلٌ من عند الله، وأنه نعمةٌ أنعم الله بها عليهم فلم يشكروها، وكذَّبوا بما فيه». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /280).