تفسير سورة الواقعة

أسباب نزول القرآن - الواحدي

تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي
لمؤلفه .

قوله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ﴾. [١٣-١٤].
قال عُرْوَة بن رُوَيم: لما أنزل الله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ﴾ بكى عمر وقال: يا رسول الله آمنا بك وصدقناك، ومع هذا كله مَنْ ينجو منا قليل. فأنزل الله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ﴾ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرَ، فقال يا عمرُ بن الخطاب، قد أنزل الله فيما قلتَ، فجعل ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ﴾. فقال عمر: رضينا عن ربنا، ونصدِّق نبينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مِن آدمَ إلينا ثُلةٌ، ومني إلى يوم القيامة ثُلَّةٌ، ولا يستتمها إلا سودانٌ من رُعاة الإبل، ممن قال: لا إله إلا الله.
قوله تعالى: ﴿فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ﴾. [٢٨].
قال أبو العالية والضحاك: نظر المسلمون إلى وَجٍّ - وهو واد مخصب بالطائف - فأعجبهم سِدْرُه، فقالوا: يا ليت لنا مثلَ هذا! فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾. [٨٢].
أخبرنا سعيد بن محمد المؤذن، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حَمْدون، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الحافظ، قال: حدَّثنا حَمْدانٌ السلمي، قال: حدَّثنا النَّضْر بن محمد، قال: حدَّثنا عكرمة بن عمار، قال: حدَّثنا أبو زُميل، قال: حدَّثني ابن عباس، قال:
مُطرِ الناسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكر، ومنهم كافر. قالوا: هذه رحمة وضعها الله تعالى وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا [وكذا]. فنزلت هذه الآيات: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ﴾ حتى بلغ ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾.
رواه مسلم عن ابن عباس بن عبد العظيم، عن النّضْر بن محمد.
وروى: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في سَفْر فنزلوا [منزلاً] فأصابهم العطش وليس معهم ماء، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيتم إن دعوت لكم فسُقيتم فلعلكم تقولون: سقينا هذا المطر بِنوْءِ كذا، فقالوا: يا رسول الله ما هذا بحين الأَنْواء. قال: فصلى ركعتين ودعا الله تبارك وتعالى، فهاجت ريح ثم هاجت سحابة فمطروا حتى سالت الأودية وملؤوا الأسْقِيَة، ثم مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يغترف بقدح له [وهو] يقول: سُقِينا بنوء كذا، ولم يقل: هذا من رزق الله سبحانه. فأنزل الله سبحانه: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾.
أخبرنا أبو بكر [بن محمد] بن عمر الزاهد، قال: حدَّثنا أبو عمرو محمد بن أحمد [الجيزي]، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدَّثنا حَرْمَلة بن يحيى وعمرو بن سَوَّاد السّرْحي، قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن أبا هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تَرَوْا إلى ما قال ربكم؟ قال: ما أنعمتُ على عبادي من نعمة إلا أصبح فريقٌ بها كافرين، يقولون: الكواكب وبالكواكب.
رواه مسلم عن حَرْمَلَة وعمرو بن سَوَّاد.
سورة الواقعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الواقعة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (طه)، وقد جاءت بتذكيرِ الناس بوقوع يوم القيامة؛ للدَّلالة على عظمة الله عز وجل، وترهيبًا لهم من مخالفة أوامره، ودعوةً لهم إلى اتباع الدِّين الحق وتركِ الباطل، وخُتمت السورة الكريمة بتعظيمِ القرآن، وصدقِ أخباره وما جاء به، وقد أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في صلاة الفجر.

ترتيبها المصحفي
56
نوعها
مكية
ألفاظها
380
ترتيب نزولها
46
العد المدني الأول
99
العد المدني الأخير
99
العد البصري
97
العد الكوفي
96
العد الشامي
99

* قوله تعالى: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ ٧٥ وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦ إِنَّهُۥ لَقُرْءَانٞ كَرِيمٞ ٧٧ فِي كِتَٰبٖ مَّكْنُونٖ ٧٨ لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا اْلْمُطَهَّرُونَ ٧٩ تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ اْلْعَٰلَمِينَ ٨٠ أَفَبِهَٰذَا اْلْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ٨١ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 75-82]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «مُطِرَ الناسُ على عهدِ النبيِّ ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ: «أصبَحَ مِن الناسِ شاكرٌ، ومنهم كافرٌ، قالوا: هذه رحمةُ اللهِ، وقال بعضُهم: لقد صدَقَ نَوْءُ كذا وكذا»، قال: فنزَلتْ هذه الآيةُ: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ} [الواقعة: 75]، حتى بلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]». أخرجه مسلم (٧٣).

* سورة (الواقعة):

سُمِّيت هذه السورة بـ(الواقعة)؛ لافتتاحِها بهذا اللفظ، ولتسميةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها بذلك:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

و(الواقعةُ): اسمٌ من أسماءِ يوم القيامة.

* سورة (الواقعة) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الواقعة) في صلاة الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي الصَّلواتِ كنَحْوٍ مِن صلاتِكم التي تُصَلُّون اليومَ، ولكنَّه كان يُخفِّفُ، كانت صَلاتُه أخَفَّ مِن صَلاتِكم، وكان يَقرأُ في الفجرِ الواقعةَ، ونحوَها مِن السُّوَرِ». أخرجه أحمد (٢٠٩٩٥).

1. تحقيق القيامة (١-٥٦).

2. دلائلُ البعث والجزاء (٥٧-٧٤).

3. تعظيم القرآن، وصدقُ أخباره (٧٥-٩٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /598).

مقصدُ سورة (الواقعة) هو التذكيرُ بوقوع يوم القيامة وهَوْلِه، ووصفُ ما يحدُثُ به؛ لتخويف الناس وترهيبهم من معصية الله عز وجل ومخالفة أمره، وفي ذلك دعوةٌ لهم للرجوع إلى الحق، والاستجابة لأمر الله.

ويُبيِّن ابن عاشور محورَها فيقول: «هو التذكيرُ بيوم القيامة، وتحقيق وقوعه.

ووصفُ ما يَعرِض لهذا العالَمِ الأرضي عند ساعة القيامة.

ثم صفة أهل الجنة وبعض نعيمهم.

وصفة أهل النار وما هم فيه من العذاب، وأن ذلك لتكذيبهم بالبعث.

وإثبات الحشر والجزاء.

والاستدلال على إمكان الخَلْق الثاني بما أبدعه الله من الموجودات بعد أن لم تكن.

والاستدلال بدلائل قدرة الله تعالى.

والاستدلال بنزعِ الله الأرواحَ من الأجساد والناس كارهون لا يستطيع أحدٌ مَنْعَها من الخروج، على أن الذي قدَرَ على نزعها بدون مُدافعٍ قادرٌ على إرجاعها متى أراد على أن يُمِيتَهم.

وتأكيد أن القرآن منزلٌ من عند الله، وأنه نعمةٌ أنعم الله بها عليهم فلم يشكروها، وكذَّبوا بما فيه». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /280).