تفسير سورة الواقعة

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

١٠٨٣- أي جف القلم بما هو كائن، وتمت السابقة حتى نزلت الواقعة : إما خافضة قوما كانوا مرفوعين في الدنيا، وإما رافعة قوما كانوا مخفوضين في الدنيا. ( الإحياء : ٤/١٧٨ )
١٠٨٤- قالوا : الناس ثلاثة أصناف.
صنف : المنهمكون في الدنيا فلا التفات إلى العقبة، إلا باللسان وحديث النفس، وهم الأكثرون، وقد سموا في كتاب الله :﴿ عبد الطاغوث ﴾١ و﴿ شر الدواب ﴾٢ ونحوها.
وصنف مخالفون لهم غاية المخالفة، اعتكفوا بكنه همهم على العقبى، ولم يلتفتوا أصلا إلى الدنيا، وهم النساك.
وصنف ثالث : متوسطون، وفوا الدارين حقهما، وهم الأفضلون عند المحققين، لأن بهم قوام أسباب الدنيا والآخرة، ومنهم عامة الأنبياء عليهم السلام، إذ بعثهم الله عز وجل لإقامة مصالح العباد في المعاش والمعاد.
وقيل : ثلاثتهم المراد بقوله تعالى :﴿ وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون ﴾. ( ميزان العمل : ٣٨٣ )
١ - المائدة: ٦٠..
٢ - الأنفال: ٢٢..
١٠٨٥- تنبيه على تقديم الفاكهة في قوله تعالى :﴿ وفاكهة مما يتخيرون ﴾
ثم قال :﴿ ولحم طير مما يشتهون ﴾ ثم أفضل ما يقدم بعد الفاكهة اللحم والثريد. ( الإحياء : ٢/١٩ )
﴿ في سدر مخضود ﴾ ( ٣٠ )
١٠٨٦- قال أبو أمامة : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : إن الله عز وجل ينفعنا بالأعراب ومسائلهم، أقبل أعرابي فقال : يا رسول الله قد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذية، وما كنت أدري أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يخضد الله شوكه فيجعل مكان كل شوكة ثمرة ثم تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونا من الطعام ما منها لون يشبه الآخر )١. ( الإحياء : ٤/٥٧٢ )
١ - قال الحافظ العراقي: أخرجه ابن المبارك في الزهد عن صفوان بن عمرو بن سليم بن عامر مرسلا من غير ذكر لأبي أمامة. ن المغني بهامش الإحياء: ٤/٥٧٢..
﴿ وظل ممدود ﴾( ٣٢ )
١٠٨٧- قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ) اقرأوا إن شئتم :﴿ وظل ممدود ﴾١. ( نفسه : ٤/٥٧٢ )
١ - متفق عليه من حديث أبي هريرة. ن صحيح البخاري كتاب التفسير حديث رقم ٤٨٨١ وصحيح مسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها حديث رقم ٢٨٢٦..
﴿ وفرش مرفوعة ﴾ ( ٣٦ )
١٠٨٨-قال أبو سعيد الخذري١ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى :﴿ وفرش مرفوعة ﴾ قال :( ما بين الفراشين كما بين السماء والأرض }٢. ( نفسه : ٤/٥٧٣ )
١ - هو سعد بن مالك أبو سعيد الخدري الخزرجي الأنصاري المدني صحابي ملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم روى عنه أحاديث كثيرة، ت بالمدينة ٧٤هـ، ن صفوة الصفوة ١/٧١٤ والاستيعاب: ٢/٧١٤..
٢ - أخرجه الترمذي بلفظ: [[ارتفاعهما لكما بين السماء والأرض]] وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث رشيد بن سعد. ن أبواب التفسير: ٥/٧٥ حديث رقم ٣٣٤٨..
﴿ عربا أترابا ﴾ ( ٣٩ )
١٠٨٩- العروب : هي العاشقة لزوجها المشتهية للوقاع، وبه تتم اللذة. ( نفسه : ٢/٤٥ )
١٠٩٠- لا يمس ظاهره إلا المتحرز من المنهيات الشرعية، ولا يمس حقائقه إلا المطهرون من أدناس الطبيعة. ( المعارف العقلية : ٥٨ )
١٠٩١- ﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ كما أن ظاهر جلد المصحف وورقه محروس من ظاهر بشرة الملامس إلا إذا كان متطهرا، فباطن معناه أيضا بحكم عزه وجلاله محجوب عن باطن القلب إلا إذا كان متطهرا من كل رجس ومستنيرا بنور التعظيم والتوقير، وكما لا يصلح لمس جلد المصحف كل يد، فلا يصلح لتلاوة حروفه كل لسان، ولا لنيل معانيه كل قلب. ( الإحياء : ١/٣٣٢ )
﴿ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ﴾( ٨٥ )
١٠٩٢- أي شكر رزقكم. ( نفسه : ١/٣٤٤ )
سورة الواقعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الواقعة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (طه)، وقد جاءت بتذكيرِ الناس بوقوع يوم القيامة؛ للدَّلالة على عظمة الله عز وجل، وترهيبًا لهم من مخالفة أوامره، ودعوةً لهم إلى اتباع الدِّين الحق وتركِ الباطل، وخُتمت السورة الكريمة بتعظيمِ القرآن، وصدقِ أخباره وما جاء به، وقد أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في صلاة الفجر.

ترتيبها المصحفي
56
نوعها
مكية
ألفاظها
380
ترتيب نزولها
46
العد المدني الأول
99
العد المدني الأخير
99
العد البصري
97
العد الكوفي
96
العد الشامي
99

* قوله تعالى: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ ٧٥ وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦ إِنَّهُۥ لَقُرْءَانٞ كَرِيمٞ ٧٧ فِي كِتَٰبٖ مَّكْنُونٖ ٧٨ لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا اْلْمُطَهَّرُونَ ٧٩ تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ اْلْعَٰلَمِينَ ٨٠ أَفَبِهَٰذَا اْلْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ٨١ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 75-82]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «مُطِرَ الناسُ على عهدِ النبيِّ ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ: «أصبَحَ مِن الناسِ شاكرٌ، ومنهم كافرٌ، قالوا: هذه رحمةُ اللهِ، وقال بعضُهم: لقد صدَقَ نَوْءُ كذا وكذا»، قال: فنزَلتْ هذه الآيةُ: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ} [الواقعة: 75]، حتى بلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]». أخرجه مسلم (٧٣).

* سورة (الواقعة):

سُمِّيت هذه السورة بـ(الواقعة)؛ لافتتاحِها بهذا اللفظ، ولتسميةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها بذلك:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

و(الواقعةُ): اسمٌ من أسماءِ يوم القيامة.

* سورة (الواقعة) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الواقعة) في صلاة الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي الصَّلواتِ كنَحْوٍ مِن صلاتِكم التي تُصَلُّون اليومَ، ولكنَّه كان يُخفِّفُ، كانت صَلاتُه أخَفَّ مِن صَلاتِكم، وكان يَقرأُ في الفجرِ الواقعةَ، ونحوَها مِن السُّوَرِ». أخرجه أحمد (٢٠٩٩٥).

1. تحقيق القيامة (١-٥٦).

2. دلائلُ البعث والجزاء (٥٧-٧٤).

3. تعظيم القرآن، وصدقُ أخباره (٧٥-٩٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /598).

مقصدُ سورة (الواقعة) هو التذكيرُ بوقوع يوم القيامة وهَوْلِه، ووصفُ ما يحدُثُ به؛ لتخويف الناس وترهيبهم من معصية الله عز وجل ومخالفة أمره، وفي ذلك دعوةٌ لهم للرجوع إلى الحق، والاستجابة لأمر الله.

ويُبيِّن ابن عاشور محورَها فيقول: «هو التذكيرُ بيوم القيامة، وتحقيق وقوعه.

ووصفُ ما يَعرِض لهذا العالَمِ الأرضي عند ساعة القيامة.

ثم صفة أهل الجنة وبعض نعيمهم.

وصفة أهل النار وما هم فيه من العذاب، وأن ذلك لتكذيبهم بالبعث.

وإثبات الحشر والجزاء.

والاستدلال على إمكان الخَلْق الثاني بما أبدعه الله من الموجودات بعد أن لم تكن.

والاستدلال بدلائل قدرة الله تعالى.

والاستدلال بنزعِ الله الأرواحَ من الأجساد والناس كارهون لا يستطيع أحدٌ مَنْعَها من الخروج، على أن الذي قدَرَ على نزعها بدون مُدافعٍ قادرٌ على إرجاعها متى أراد على أن يُمِيتَهم.

وتأكيد أن القرآن منزلٌ من عند الله، وأنه نعمةٌ أنعم الله بها عليهم فلم يشكروها، وكذَّبوا بما فيه». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /280).