تفسير سورة الواقعة

التفسير الميسر

تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب التفسير الميسر
لمؤلفه التفسير الميسر . المتوفي سنة 2007 هـ

﴿ إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ ( ١ ) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ( ٢ ) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ( ٣ ) ﴾
إذا قامت القيامة،
ليس لقيامها أحد يكذِّب به،
هي خافضة لأعداء الله في النار، رافعة لأوليائه في الجنة.
﴿ إِذَا رُجَّتْ الأَرْضُ رَجّاً ( ٤ ) وَبُسَّتْ الْجِبَالُ بَسّاً ( ٥ ) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً ( ٦ ) ﴾
إذا حُرِّكت الأرض تحريكًا شديدًا،
وفُتِّتت الجبال تفتيتًا دقيقًا،
فصارت غبارًا متطايرًا في الجو قد ذَرَتْه الريح.
﴿ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً ( ٧ ) ﴾
وكنتم- أيها الخلق- أصنافًا ثلاثة :
﴿ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ( ٨ ) وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ ( ٩ ) ﴾
فأصحاب اليمين، أهل المنزلة العالية، ما أعظم مكانتهم ! !
وأصحاب الشمال، أهل المنزلة الدنيئة، ما أسوأ حالهم ! !
﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ( ١٠ ) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ( ١١ ) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ( ١٢ ) ﴾
والسابقون إلى الخيرات في الدنيا هم السابقون إلى الدرجات في الآخرة،
أولئك هم المقربون عند الله،
يُدْخلهم ربهم في جنات النعيم.
﴿ ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ ( ١٣ ) وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ ( ١٤ ) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ( ١٥ ) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ( ١٦ ) ﴾
يدخلها جماعة كثيرة من صدر هذه الأمة، وغيرهم من الأمم الأخرى،
وقليل من آخر هذه الأمة
على سرر منسوجة بالذهب،
متكئين عليها يقابل بعضهم بعضًا.
﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ( ١٧ ) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ( ١٨ ) لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ ( ١٩ ) ﴾
يطوف عليهم لخدمتهم غلمان لا يهرمون ولا يموتون،
بأقداح وأباريق وكأس من عين خمر جارية في الجنة،
لا تُصَدَّعُ منها رؤوسهم، ولا تذهب بعقولهم.
﴿ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ( ٢٠ ) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ( ٢١ ) وَحُورٌ عِينٌ ( ٢٢ ) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ( ٢٣ ) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( ٢٤ ) ﴾
ويطوف عليهم الغلمان بما يتخيرون من الفواكه،
وبلحم طير ممَّا ترغب فيه نفوسهم.
ولهم نساء ذوات عيون واسعة،
كأمثال اللؤلؤ المصون في أصدافه صفاءً وجمالا ؛
جزاء لهم بما كانوا يعملون من الصالحات في الدنيا.
﴿ لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً ( ٢٥ ) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً ( ٢٦ ) ﴾
لا يسمعون في الجنة باطلا ولا ما يتأثمون بسماعه،
إلا قولا سالمًا من هذه العيوب، وتسليم بعضهم على بعض.
﴿ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ( ٢٧ ) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ( ٢٨ ) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ( ٢٩ ) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ( ٣٠ ) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ ( ٣١ ) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ( ٣٢ ) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ( ٣٣ ) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ( ٣٤ ) ﴾
وأصحاب اليمين، ما أعظم مكانتهم وجزاءهم ! !
هم في سِدْر لا شوك فيه، وموز متراكب بعضه على بعض،
وظلٍّ دائم لا يزول،
وماء جار لا ينقطع،
وفاكهة كثيرة
لا تنفَد ولا تنقطع عنهم،
ولا يمنعهم منها مانع،
وفرشٍ مرفوعة على السرر.
﴿ إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً ( ٣٥ ) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً ( ٣٦ ) عُرُباً أَتْرَاباً ( ٣٧ ) لأَصْحَابِ الْيَمِينِ ( ٣٨ ) ﴾
إنا أنشأنا نساء أهل الجنة نشأة غير النشأة التي كانت في الدنيا، نشأة كاملة لا تقبل الفناء،
فجعلناهن أبكارًا،
صغارهن وكبارهن، متحببات إلى أزواجهن، في سنٍّ واحدة،
خلقناهن لأصحاب اليمين.
﴿ ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ ( ٣٩ ) وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ ( ٤٠ ) ﴾
وهم جماعة كثيرة من الأولين،
وجماعة كثيرة من الآخرين.
﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ ( ٤١ ) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ( ٤٢ ) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ( ٤٣ ) لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ ( ٤٤ ) ﴾
وأصحاب الشمال ما أسوأ حالهم جزاءهم ! !
في ريح حارة من حَرِّ نار جهنم تأخذ بأنفاسهم، وماء حار يغلي،
وظلٍّ من دخان شديد السواد،
لا بارد المنزل، ولا كريم المنظر.
﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ( ٤٥ ) ﴾
إنهم كانوا في الدنيا متنعِّمين بالحرام، معرِضين عما جاءتهم به الرسل.
﴿ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ ( ٤٦ ) ﴾
وكانوا يقيمون على الكفر بالله والإشراك به ومعصيته، ولا ينوون التوبة من ذلك.
﴿ وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ( ٤٧ ) ﴾
وكانوا يقولون إنكارًا للبعث : أنُبعث إذا متنا وصرنا ترابًا وعظامًا بالية ؟ وهذا استبعاد منهم لأمر البعث وتكذيب له.
﴿ أَوْ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ ( ٤٨ ) ﴾
أنُبعث نحن وآبناؤنا الأقدمون الذين صاروا ترابًا، قد تفرَّق في الأرض ؟
﴿ قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ( ٤٩ ) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ( ٥٠ ) ﴾
قل لهم –يا محمد- : إن الأولين والآخرين من بني آدم
سيُجمَعون في يوم مؤقت بوقت محدد، وهو يوم القيامة.
﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ( ٥١ ) لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ( ٥٢ ) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ( ٥٣ ) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ ( ٥٤ ) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ( ٥٥ ) ﴾
ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى المكذبون بوعيد الله ووعده،
لآكلون من شجر من زقوم، وهو من أقبح الشجر،
فمالئون منها بطونكم ؛ لشدة الجوع،
فشاربون عليه ماء متناهيًا في الحرارة لا يَرْوي ظمأ،
فشاربون منه بكثرة، كشرب الإبل العطاش التي لا تَرْوى لداء يصيبها.
﴿ هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ( ٥٦ ) ﴾
هذا الذي يلقونه من العذاب هو ما أُعدَّ لهم من الزاد يوم القيامة. وفي هذا توبيخ لهم وتهكُّم بهم.
﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ ( ٥٧ ) ﴾
نحن خلقناكم- أيها الناس- ولم تكونوا شيئًا، فهلا تصدِّقون بالبعث.
﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ ( ٥٨ ) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ( ٥٩ ) ﴾
أفرأيتم النُّطَف التي تقذفونها في أرحام نسائكم،
هل أنتم تخلقون ذلك بشرًا أم نحن الخالقون ؟
﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ( ٦٠ ) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ ( ٦١ ) ﴾
نحن قَدَّرنا بينكم الموت، وما نحن بعاجزين
عن أن نغيِّر خلقكم يوم القيامة، وننشئكم فيما لا تعلمونه من الصفات والأحوال.
﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذكَّرُونَ ( ٦٢ ) ﴾
ولقد علمتم أن الله أنشأكم النشأة الأولى ولم تكونوا شيئًا، فهلا تذكَّرون قدرة الله على إنشائكم مرة أخرى.
﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ( ٦٣ ) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ( ٦٤ ) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلَلْتُمْ تَتَفَكَّهُونَ ( ٦٥ ) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ( ٦٦ ) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ( ٦٧ ) ﴾
أفرأيتم الحرث الذي تحرثونه
هل أنتم تُنبتونه في الأرض ؟ بل نحن نُقِرُّ قراره وننبته في الأرض.
لو نشاء لجعلنا ذلك الزرع هشيمًا، لا يُنتفع به في مطعم، فأصبحتم تتعجبون مما نزل بزرعكم،
وتقولون : إنا لخاسرون معذَّبون،
بل نحن محرومون من الرزق.
﴿ أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ( ٦٨ ) أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ ( ٦٩ ) ﴾
أفرأيتم الماء الذي تشربونه لتحْيَوا به،
أأنتم أنزلتموه من السحاب إلى قرار الأرض، أم نحن الذين أنزلناه رحمة بكم ؟
﴿ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ ( ٧٠ ) ﴾
لو نشاء جعلنا هذا الماء شديد الملوحة، لا يُنتفع به في شرب ولا زرع، فهلا تشكرون ربكم على إنزال الماء العذب لنفعكم.
﴿ أَفَرَأَيْتُمْ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ( ٧١ ) أَأَنْتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ ( ٧٢ ) ﴾
أفرأيتم النار التي توقدون،
أأنتم أوجدتم شجرتها التي تقدح منها النار، أم نحن الموجدون لها ؟
﴿ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ ( ٧٣ ) ﴾
نحن جعلنا ناركم التي توقدون تذكيرًا لكم بنار جهنم ومنفعة للمسافرين.
﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ( ٧٤ ) ﴾
فنزِّه –يا محمد- ربك العظيم كامل الأسماء والصفات، كثير الإحسان والخيرات.
﴿ فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ( ٧٥ ) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ( ٧٦ ) ﴾
أقسم الله تعالى بمساقط النجوم في مغاربها في السماء،
وإنه لَقَسم لو تعلمون قَدَره عظيم.
﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ( ٧٧ ) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ( ٧٨ ) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ( ٧٩ ) ﴾
إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لقرآن عظيم المنافع، كثير الخير، غزير العلم،
في كتاب مستور عن أعين الخلق، وهو اللوح المحفوظ. لا يَمَسُّ القرآن إلا الملائكة الكرام الذين طهرهم الله من الآفات والذنوب،
ولا يَمَسُّه أيضًا إلا المتطهرون من الشرك والجنابة والحدث.
﴿ تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( ٨٠ ) ﴾
وهذا القرآن الكريم منزل من رب العالمين، فهو الحق الذي لا مرية فيه.
﴿ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ( ٨١ ) ﴾
أفبهذا القرآن أنتم -أيها المشركون- مكذِّبون ؟
﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ( ٨٢ ) ﴾
وتجعلون شكركم لنعم الله عليكم أنكم تكذِّبون بها وتكفرون ؟ وفي هذا إنكار على من يتهاون بأمر القرآن ولا يبالي بدعوته.
﴿ فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ ( ٨٣ ) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ ( ٨٤ ) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ ( ٨٥ ) ﴾
فهل تستطيعون إذا بلغت نفس أحدكم الحلقوم عند النزع،
وأنتم حضور تنظرون إليه، أن تمسكوا روحه في جسده ؟ لن تستطيعوا ذلك،
ونحن أقرب إليه منكم بملائكتنا، ولكنكم لا ترونهم.
﴿ فَلَوْلا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ( ٨٦ ) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ( ٨٧ ) ﴾
وهل تستطيعون إن كنتم غير محاسبين ولا مجزيين بأعمالكم
أن تعيدوا الروح إلى الجسد، إن كنتم صادقين ؟ لن ترجعوها.
﴿ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ ( ٨٨ ) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ( ٨٩ ) ﴾
فأما إن كان الميت من السابقين المقربين،
فله عند موته الرحمة الواسعة والفرح وما تطيب به نفسه، وله جنة النعيم في الآخرة.
﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ( ٩٠ ) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ( ٩١ ) ﴾
وأما إن كان الميت من أصحاب اليمين،
فيقال له : سلامة لك وأمن ؛ لكونك من أصحاب اليمين.
﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ( ٩٢ ) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ( ٩٣ ) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ( ٩٤ ) ﴾
وأما إن كان الميت من المكذبين بالبعث، الضالين عن الهدى،
فله ضيافة من شراب جهنم المغلي المتناهي الحرارة،
والنار يحرق بها، ويقاسي عذابها الشديد.
إ﴿ ِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ( ٩٥ ) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ( ٩٦ ) ﴾
إن هذا الذي قصصناه عليك –يا محمد- لهو حق اليقين الذي لا مرية فيه،
فسبِّح باسم ربك العظيم، ونزِّهه عما يقول الظالمون والجاحدون، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.
سورة الواقعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الواقعة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (طه)، وقد جاءت بتذكيرِ الناس بوقوع يوم القيامة؛ للدَّلالة على عظمة الله عز وجل، وترهيبًا لهم من مخالفة أوامره، ودعوةً لهم إلى اتباع الدِّين الحق وتركِ الباطل، وخُتمت السورة الكريمة بتعظيمِ القرآن، وصدقِ أخباره وما جاء به، وقد أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في صلاة الفجر.

ترتيبها المصحفي
56
نوعها
مكية
ألفاظها
380
ترتيب نزولها
46
العد المدني الأول
99
العد المدني الأخير
99
العد البصري
97
العد الكوفي
96
العد الشامي
99

* قوله تعالى: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ ٧٥ وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦ إِنَّهُۥ لَقُرْءَانٞ كَرِيمٞ ٧٧ فِي كِتَٰبٖ مَّكْنُونٖ ٧٨ لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا اْلْمُطَهَّرُونَ ٧٩ تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ اْلْعَٰلَمِينَ ٨٠ أَفَبِهَٰذَا اْلْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ٨١ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 75-82]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «مُطِرَ الناسُ على عهدِ النبيِّ ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ: «أصبَحَ مِن الناسِ شاكرٌ، ومنهم كافرٌ، قالوا: هذه رحمةُ اللهِ، وقال بعضُهم: لقد صدَقَ نَوْءُ كذا وكذا»، قال: فنزَلتْ هذه الآيةُ: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ} [الواقعة: 75]، حتى بلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]». أخرجه مسلم (٧٣).

* سورة (الواقعة):

سُمِّيت هذه السورة بـ(الواقعة)؛ لافتتاحِها بهذا اللفظ، ولتسميةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها بذلك:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

و(الواقعةُ): اسمٌ من أسماءِ يوم القيامة.

* سورة (الواقعة) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).

* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الواقعة) في صلاة الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي الصَّلواتِ كنَحْوٍ مِن صلاتِكم التي تُصَلُّون اليومَ، ولكنَّه كان يُخفِّفُ، كانت صَلاتُه أخَفَّ مِن صَلاتِكم، وكان يَقرأُ في الفجرِ الواقعةَ، ونحوَها مِن السُّوَرِ». أخرجه أحمد (٢٠٩٩٥).

1. تحقيق القيامة (١-٥٦).

2. دلائلُ البعث والجزاء (٥٧-٧٤).

3. تعظيم القرآن، وصدقُ أخباره (٧٥-٩٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /598).

مقصدُ سورة (الواقعة) هو التذكيرُ بوقوع يوم القيامة وهَوْلِه، ووصفُ ما يحدُثُ به؛ لتخويف الناس وترهيبهم من معصية الله عز وجل ومخالفة أمره، وفي ذلك دعوةٌ لهم للرجوع إلى الحق، والاستجابة لأمر الله.

ويُبيِّن ابن عاشور محورَها فيقول: «هو التذكيرُ بيوم القيامة، وتحقيق وقوعه.

ووصفُ ما يَعرِض لهذا العالَمِ الأرضي عند ساعة القيامة.

ثم صفة أهل الجنة وبعض نعيمهم.

وصفة أهل النار وما هم فيه من العذاب، وأن ذلك لتكذيبهم بالبعث.

وإثبات الحشر والجزاء.

والاستدلال على إمكان الخَلْق الثاني بما أبدعه الله من الموجودات بعد أن لم تكن.

والاستدلال بدلائل قدرة الله تعالى.

والاستدلال بنزعِ الله الأرواحَ من الأجساد والناس كارهون لا يستطيع أحدٌ مَنْعَها من الخروج، على أن الذي قدَرَ على نزعها بدون مُدافعٍ قادرٌ على إرجاعها متى أراد على أن يُمِيتَهم.

وتأكيد أن القرآن منزلٌ من عند الله، وأنه نعمةٌ أنعم الله بها عليهم فلم يشكروها، وكذَّبوا بما فيه». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /280).